تسليم وتسلُّم هادئ بين سلامة ومنصوري

تسليم وتسلُّم هادئ بين سلامة ومنصوري

الكاتب: ملاك عقيل | المصدر: اساس ميديا

5 حزيران 2023


في مقابل العراك الرئاسي الذي يرتفع منسوبه بين معسكرَيْ سليمان فرنجية وجهاد أزعور يُحاك بصمت تامّ مشهد التسليم والتسلّم المرتقب نهاية تموز بين حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ونائبه الأوّل وسيم منصوري.

أكّد مصدر مطّلع لـ “أساس” أنّ “القرار اتُّخذ بتجنّب خضّة مغادرة سلامة مقرّ الحاكمية من دون تعيين خلَف له في ظلّ الحصار القضائي الدولي المُطبَق عليه وإدراجه على النشرة الحمراء للإنتربول”.

أمّا في الوقائع، وربطاً بالتلازم القائم بين انتخاب رئيس للجمهورية وتعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، فقد سقطت المهل الزمنية التي تسمح في حال انتخاب الرئيس بسلوك المسار الطبيعي لتعيين الحاكم. فهي مرحلة قد يطول اكتمال محطّاتها عدّة أشهر من أجل تكليف رئيس الحكومة المقبل غير المتّفق عليه بعد وتأليف حكومة جديدة وإعلان بيانها الوزاري ونيلها الثقة على أساسه.


سلبيّتان وشروط

ما تزال “سلبيّتان” تتحكّمان بقرار دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى الجلسة الرقم 12 لانتخاب رئيس الجمهورية.

تتعلّق السلبيّة الأولى بثبات الثنائي الشيعي على التمسّك بترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية في مقابل سلبية التوافق الهشّ لقوى المعارضة مع التيار الوطني الحر على اسم الوزير السابق جهاد أزعور.

مردّ هذا التوافق غير الناضج بعد إلى ربط النائب جبران باسيل السير به بشرطين: التوافق في شأنه مع الطرف الآخر (حركة أمل والحزب) وحَسم الخلاف حول البرنامج الاقتصادي المالي والسياسي لمرشّح المعارضة، مع تمنٍّ يأخذ شكل المناورة من جانب باسيل بضرورة فتح الباب أمام التوافق على أكثر من اسم “لأنّه لا يجوز أن يتّفق المسيحيون على اسم ثمّ يُرفَض وما يوصل لبعبدا”.


لكن في مقابل الضبابية الرئاسية التي ما تزال تسيطر على مقرّ بعبدا ينقشع المشهد شيئاً فشيئاً في مقرّ حاكمية مصرف لبنان. في هذا السياق تؤكّد معطيات “أساس” أنّ اسم الوزير السابق كميل أبو سليمان الذي تردّد أخيراً قد سَقط من لائحة المرشّحين لخلافة الحاكم حتى لو كانت المهلة الفاصلة عن التعيين ما تزال بعيدة نسبياً بسبب فوضى المشهد الرئاسي وتأثيرها تلقائيّاً على المسار الزمني لتأليف الحكومة ومباشرتها التعيينات.

في هذا الإطار يشير مطّلعون إلى أنّ “حظوظ رئيس دائرة شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور تتقدّم في الحاكمية أكثر منها على المستوى الرئاسي، مع العلم أنّ الأخير يردّد في مجالسه قدرته على المساهمة في نشل لبنان من أزمته بانتخابه رئيساً للجمهورية بشرط عدم وجود قوى سياسية أساسية تقف ضدّ وصوله إلى قصر بعبدا، وكذلك يؤكّد أزعور على رفضه لحاكمية البنك المركزي”.

على خطّ مصير الحاكمية تتقاطع كلّ المعطيات عند تسلّم نائب الحاكم وسيم منصوري صلاحيّات حاكم مصرف لبنان منعاً للفراغ في ظلّ صعوبة تعيين حكومة تصريف الأعمال حاكماً جديداً.

هي مرحلة مؤقّتة ستعالج هاجس الفراغ المحتمل في ظلّ معادلة فوضوية رسمتها معطيات الأشهر الماضية: “حكومة لا تعيِّن، وحاكم لا يُمدَّد له، وترويج الرئيس نبيه برّي لطلبه من نائب الحاكم الأوّل الاستقالة كي لا يتسلّم الموقع في مقابل معطيات مؤكّدة بأنّ وسيم منصوري لن يستقيل”.

يدفع الحزب بقوّة تجاه خيار تسلّم منصوري صلاحيّات حاكم مصرف لبنان، وقد سبق لأمينه العامّ أن أكّد عدم جواز التعيين (في ظلّ حكومة تصريف الأعمال) أو التمديد لسلامة قائلاً: “إذا كان يوجد مشاكل (حول البديل) فلنذهب ونبحث عن حلول لهذه المشاكل ضمن ‏الصلاحيّات الدستورية والقانونية، الكلّ يجب أن يتحمّل مسؤوليّته وأن ‏لا يُغادر وأن لا يتخلّى عن مسؤوليّاته”.

وفق مصدر مطّلع، قرار الالتزام بالمادّة 25 من قانون النقد والتسليف سيغطّيه الطرف الشيعي ووليد جنبلاط وجبران باسيل في مقابل ضغط سمير جعجع لتعيين بديل أصيل، وأشار المصدر إلى أنّ “العمل بدأ فعليّاً في تأمين هذا الانتقال بين الحاكم ونائبه لناحية تنظيم كيفية معالجة الملفّات المالية والنقدية وآليّة بتّ القرارات، حيث يظهر اتجاه لتكريس واقع أخذ القرار جماعياً داخل المجلس المركزي، خصوصاً لناحية ديمومة التعاميم الصادرة عن سلامة بعد الأزمة المالية والتي بالأساس أُخذت بالتوافق مع أعضاء المجلس”.


تنتهي ولاية وسيم منصوري (شيعي) المعيَّن قبل ثلاث سنوات مع نواب الحاكم سليم شاهين (سنّيّ) وبشير يقظان (درزي) وألكسندر موراديان (أرمن كاثوليك) في 10 حزيران 2025. وهي مدّة أكثر من كافية لمعالجة ثغرة تعيين حاكم أصيل وإقرار سلّة تعيينات أساسية في الإدارات والمؤسّسات العامّة والأجهزة الأمنيّة.

في حقيقة الأمر لا أحد يتوقّع أن يمتدّ الفراغ الرئاسي حتى نهاية العام حين يحلّ استحقاق إحالة قائد الجيش العماد جوزف عون إلى التقاعد من دون تعيين قائد جيش جديد، ويحلّ محلّه عندئذٍ الضابط الأعلى رتبة في الجيش في حال عدم وجود حكومة أصيلة.