لودريان مبعوث ماكرون للبنان: فرنسا تطوي صفحة فرنجية؟
لودريان مبعوث ماكرون للبنان: فرنسا تطوي صفحة فرنجية؟
الكاتب: منير الربيع | المصدر: المدن
8 حزيران 2023
عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزير الخارجية السابق، جان إيف لودريان، مبعوثاً شخصياً له إلى لبنان.
الخبر كان منتظراً في دوائر سياسية وديبلوماسية، في ظل معلومات كانت تشير إلى ضرورة حصول بعض التغير في الموقف الفرنسي، أو المقاربة تجاه المعادلة الرئاسية التي وضعتها باريس. تم تكليف لودريان بإعداد تقرير شامل حول الوضع في لبنان، حسب ما تشير مصادر متابعة، كما أنه يفترض أن يزور لبنان قريباً، للقاء المسؤولين فيه وإعداد تقريره.
تزامن قرار تعيين لودريان مع اتفاق قوى المعارضة على ترشيح جهاد أزعور لرئاسة الجمهورية، وبعد زيارة البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى باريس، وإشارته الأساسية إلى أنه لا يمكن فرض رئيس على المسيحيين من دون رغبتهم.خطوتان إلى الوراء
وفق هذه المعطيات، يظهر أن فرنسا قد خطت خطوتين إلى الوراء. الأولى، تمثلت بما بعد اللقاء مع الراعي، حول التأكيد بأن فرنسا لا تتبنى أي مرشح ولا توفر الدعم لأحد، إنما هي تسعى للوصول إلى تفاهم بين اللبنانيين وانتخاب الرئيس، وكانت تتعاطى مع مسألة ترشيح سليمان فرنجية بأنه المرشح الموجود والواقعي، طالما أن قوى المعارضة لم تتفق على رئيس فيما بينها. أما الخطوة التراجعية الثانية، فهي تعيين لودريان مبعوثاً رئاسياً خاصاً للبنان، وهذه لها معان كثيرة. خصوصاً أن ما يتسرب من أجواء لدى الفرنسيين يشير إلى التمسك بمبدأ التوافق بين اللبنانيين، وضرورة التفاهم على انتخاب الرئيس. هنا تصف مصادر متابعة أنه يمكن تصنيف الخطوة الفرنسية الجديدة بأنها طيّ صفحة، لصالح فتحة صفحة ثانية، ولكن تلك الصفحة ستكون بحاجة إلى بلورة، وربما إلى وقت طويل كي تظهر.
خيارات أخرى
أحد الجوانب خلف تعيين لودريان يتعلق بإعادته إلى دائرة الضوء ومنحه دوراً، بعد خروجه من وزارة الخارجية. فيما الدور الذي يلعبه لودريان يمكن أن يسحب بعض الأوراق من يد المستشار في الإيليزيه باتريك دوريل. هذا لا يعني أن دور دوريل سيتراجع، ولكنه لن يكون وحده مكلفاً وملماً بالملف اللبناني، إنما سيبقى بمنصبه في الإيليزيه وله وجهة نظره، فيما لا بد للودريان أن يكوِّن وجهة نظره بناء على التقرير الذي سيعده.
وفي إطار المداولات الفرنسية أيضاً، برزت وجهات نظر متعددة، بما فيها بعض التحفظات على الأداء الفرنسي السابق، لجهة التمسك بمعادلة واحدة والتسويق لها. فحتى أحد المقربين من الرئيس الفرنسي، وهو السفير السابق في لبنان إيمانويل بون، والذي كان مؤيداً لطرح سليمان فرنجية، قال قبل أيام أمام من التقوه بأن هناك مرشحين آخرين إلى جانب ترشيح فرنجية القائم والثابت. وهذا يعني ضمناً البدء بالتفكير في خيارات أخرى.
العلاقة مع السعودية
قبل أيام، كتبت “المدن” تقريراً تحت عنوان “الداخل عاجز عن الحسم الرئاسي.. بانتظار الإنعطافة الفرنسية”. وهو أشار ضمناً إلى بروز توجه جديد لدى الإدارة الفرنسية يفترض أن يظهر في المرحلة المقبلة. وبالتالي، فإن أولى مؤشرات هذه الإنعطافة تأتي بقرار الرئاسة الفرنسية أولاً، فيما بعض المعلومات تشير إلى أن القرار ينطوي على محاولة فرنسية لترتيب العلاقة أكثر مع المملكة العربية السعودية، خصوصاً ان السعودية كانت حريصة على إنجاح المبادرة الفرنسية في لبنان، على قاعدة أن لا يكون هناك طرف متغلباً على الطرف الآخر، وهذا ما تم الإجماع عليه في مؤتمر باريس. ولكن فرنسا هي التي عادت وغيرت موقفها. في إطار التنسيق بين الجانبين، تشير المصادر المتابعة إلى أن السعودية خطت خطوة إلى الإمام برفع الفيتو عن أي مرشح على الساحة اللبنانية، في إطار تسهيل المسعى الفرنسي. ولكن عندما سهلّت السعودية اشتدت المعارضة أكثر في لبنان وذهبت للاتفاق على مرشح، وقد تنامى الغضب المسيحي من الفرنسيين.
وعليه، كان لا بد لباريس من التراجع خطوة إلى الوراء في موقفها، والتقدم خطوة باتجاه السعودية، على قاعدة عدم التمسك بأي مرشح وعدم وضع فيتو على أي خيار، بشرط توافق اللبنانيين بين بعضهم البعض.
يعتبر البعض أن لودريان أيضاً يتمتع بعلاقة جيدة مع المسؤولين السعوديين، ومن بين المعلومات المتوفرة أيضاً، أن علاقة لودريان ليست على الكثير من التفاهم والانسجام مع كل من إيمانويل بون وباتريك دوريل، اللذين يُعتبران بأنهما يدعمان سليمان فرنجية. يمكن لهذه الخطوة أن تقود إلى المزيد من التقارب السعودي الفرنسي. وهذا ما قد يفتح المجال أمام العودة إلى تفعيل الاجتماعات الخماسية بعد أن يبدأ لودريان مهامه.