«المباشر» في كلام فرنجية إلى الأضداد

«المباشر» في كلام فرنجية إلى الأضداد

«المباشر» في كلام فرنجية إلى الأضداد

الكاتب: ناجي شربل | المصدر: الانباء الكويتية

13 حزيران 2023


يخرج رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية عن طوره، في كل مقاربة لاستحقاق يواجه فيه منافسة، ويدرك ان المنافس يحول بينه وبين طموحه الذي حدد سقفا له قبل ان يولد!


مقاربة إقطاعية تخلو من التعامل مع واقع الأمور وما وصلت اليه.


الا ان جانبا يبدو إيجابيا في حدة فرنجية: طيبته. فالرجل يتكلم بـ «المباشر» مع خصوم يجتمعون ضده ليحولوا بينه وبين موقع رئاسة الجمهورية، الذي يقف في كل مرة على مرمى حجر منه.


مرتان في 2015 وحاليا، طرح اسمه الزعيم الزغرتاوي مرشحا للرئاسة بدعم دولي تقوده فرنسا، عبر رئيسيها فرنسوا هولاند وإيمانويل ماكرون.


وكان الزعيم الشاب مرشحا أيضا من قبل السوريين لخلافة الرئيس إميل لحود بعد نهاية ولايته الممدة، الا ان الخروج العسكري السوري من لبنان في 26 أبريل 2005 أربك الحسابات الخاصة باختيار رئيس الجمهورية منذ 1990، بعد إقرار اتفاق الطائف.


يخاطب فرنجية خصومه المسيحيين من «الأقطاب الأربعة» التي تضمه والرئيسان السابقان ميشال عون (وريثه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل) وأمين الجميل (وريثه نجله سامي رئيس حزب الكتائب اللبنانية) ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع.


فحوى الخطاب: «لماذا تحرمون علي ما تبيحونه لأنفسكم؟ رضيتم بمرشح «حزب الله» العماد ميشال عون في 2016، ورفضتم ترشيحي. واليوم تعيروني بأني مرشح الثنائي الشيعي، أي المدعوم من «أمل» والحزب؟».


«كلام المباشر» حمل قساوة في التعبير أصابت الوزير السابق زياد بارود، ورد الأخير بـ «قساوة» مغلفة بكياسة ورقي، فأصاب فرنجية في الصميم. قد يجمع البعض على رفض خطاب فرنجية، «وكيف لشخص مثله يريد من مناوئيه دعمه، وتمثيلهم في الموقع الوطني والماروني الأول؟». والجواب هو «المباشر» أي صراحة فرنجية، مع خصوم يرى انهم يضعون خلافاتهم كلها جانبا ويقفون ضده.


قد يؤدي كلام فرنجية الى إبعاده أكثر عن موقع رئاسة الجمهورية ويحول دون انتقاله الى قصر بعبدا، الا ان الزعيم الزغرتاوي يرفع سقف المواجهة بين معسكرين في البلد، سقف لا ينزل عن قبول شغول الموقع الأول بأحد ممثلي المعسكرين. وهنا يعود ترشيح فرنجية الى الواجهة، مستندا الى دعم كبير وغير محدد بوقت من الثنائي الشيعي، وتحديدا من «حزب الله»، الذي يعتبر ان الشغور الرئاسي لايزال في بدايته، وان الامور تحتمل مزيدا من الانتظار.


ربما نجح فرنجية في إظهار «وقوف العالم ضده»، عبر «اجتماع الأضداد» في الساحة الداخلية. وفي ذلك تكريس لمبدأ تسوية تنتهي بقبول الرئيس من أحد المعسكرين، من دون الذهاب بعيدا في طرح «خيار ثالث» أي مرشح بديل لفرنجية ووزير المال السابق جهاد أزعور.


حتى كتابة هذه السطور، يتمسك «الثنائي الشيعي» بدعم فرنجية ويرفض المقايضة من بوابة تسوية تؤدي الى اتفاق على مرشح ثالث. مقايضة روج لها وكان شرطها الأساسي من قبل مناوئي فرنجية اعلان الأخير انسحابه من السباق الرئاسي، تمهيدا للاتفاق على مرشح تسوية.


خطوة لم تبصر النور. وباتت الأنظار الآن الى جلسة غد الأربعاء، ترسم من خلالها ملامح المرحلة بين معسكرين في البلاد.


تقدم أزعور على فرنجية في التصويت واجتيازه رقم النجاح أي النصف زائدا واحدا يدفع الى مرحلة أمر واقع تطوي صفحة فرنجية الرئاسية. وغير ذلك، يبقي الأمور مفتوحة على غاربها.


بالعودة الى توتر الزعيم الزغرتاوي في ذكرى اغتيال عائلته ومناصرين، فقد جاء كلامه بـ«المباشر» مع رئيسي حزبين خرقا المعادلة الإقطاعية. سمير جعجع ابن عسكري في موسيقى الجيش اللبناني. والرئيس ميشال عون ابن بائع الحليب الذي نجح لاحقا من بوابة قيادة الجيش ثم توليه رئاسة الحكومة الانتقالية العسكرية (1988 – 1990) في إقفال البيوتات السياسية في جبل لبنان… وإن كان (عون) عبر لاحقا الى العائلية بتوريث صهره جبران باسيل مقاليد الحزب والزعامة التي بناها عون نفسه. لعل «المباشر» في كلام فرنجية يأتي في سياق سعيه الى الخروج من تسميته بـ «الزعيم الزغرتاوي»، هو الذي يدرك ان جده الرئيس سليمان قبلان فرنجية لم يتجاوز توصيفه بـ «الزعيم الشمالي»، على رغم انتخابه رئيسا للجمهورية في 1970.