أعلن الرابع والعشرين من تشرين الثاني يوماً ثقافياً وطنياً. وزير الثقافة من راشيا
رعى وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى حفل اختتام اعمال ترميم قلعة راشيا التي تكفلت بنفقاتها مؤسسة الوليد بن طلال الانسانية بعناية ومتابعة ومباشرة من وزير الثقافة والوزيرة ليلي الصلح حمادة والنائب وائل ابو فاعور وتخلل الحفل ايضا افتتاح درج السوق الاثري في راشيا الذي اهتم بترميمه وتاهيله النائب ابو فاعور اضافة الى عرض شريطين مصورين للرئيس الشهيد رياض الصلح وذلك بحضور السيدتين نورا وداليا جنبلاط وحشد كبير من الفاعليات السياسية والثقافية والاجتماعية في منطقة راشيا والجوار
وكانت كلمات من وحي المناسبة للنائب ابو فاعور والوزيرة حمادة وراعي الافتتاح وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى الذي تطرق في كلمته إلى ذكرى استشهاد سلطان باشا الاطرش حيث قال :" لا يجوز ان لا يقام يوم تكريم لسلطان باشا الاطرش ورفاقه الذين استهدوا في 24 تشرين الثاني عام 1925 في مواجهة المحتل والاستلهام من تضحياتهم ونضالهم وجهادهم لذا
نعلن الرابع والعشرين من شهر تشرين الثاني يومًا ثقافيا وطنيًا ومما جاء فيه كلمة الوزير المرتضى :"الحضور الكرام،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
والسلام موصولٌ لفلسطين الصابرة الصامدة،
ولجنوبنا البهيّ الأبيّ،
ايها الأحبّة إن مقياس انسانيتنا وعروبتنا ووطنيتنا يختصره الإنتصار لمظلومية فلسطين،
ومقياس أخلاقنا يختصره الوفاء للشهداء، وللقادة المناضلبن ومنهم سلطان باشا الأطرش والعشرات من صحبه الميامين الذين قدّموا الغالي والنفيس فداءً للوطن والأمّة في وجه الإحتلال فأسّسوا في الرابع والعشرين من تشرين الثاني للعام ١٩٢٥ لإستقلالنا في العام ١٩٤٣،
وباسمي واسمكم ايها الحضور الكريم نتضرّع إلى الله بأن لا نكون لدماء الشهداء وتضحياتهم جاحدين "،
وقال المرتضى:"ولأنّ وزارة الثقافة هي الأمينة على موروثنا الثقافي وعلى ذاكرتنا الوطنية وعلى وعينا التاريخي فإنني من ههنا من قلعة راشيا أُعلن يوم ٢٤ تشرين الثاني من كل عام يومَ ثقافةٍ ووعي نحييه معاً في هذه القلعة لنستحضر فيه ذكرى هؤلاء الميامين ونستلهم منهجهم ونقتدي بهديهم، لعلنا عندذاك نثبت على ما قالوا وفعلوا: أن قلوبنا وبيوتنا مشرّعة للضيف اما المغتصب عدو الانسانية فليس له عندنا الاّ المقاومة والسيف. على هذا المبدأ عاشوا واستمروا ونحن بإذن الله عليه ثابتون حتى اجتثاث الدنس من ارضنا المقدسة.
وأضاف وزير الثقافة:"
عندنا في لبنان بوصَلَةٌ تشيرُ دائمًا إلى الجنوب؛ وبها يستهدي المواطنون الرحالةُ في آفاقِ السفرِ إلى العزةِ والنصر، من صيدا إلى راشيا إلى آخرِ حدود المنازلةِ اليومية بين الحق والباطل، حيث تسيِّجُ البطولاتُ ميادينَ الكرامة والوطنية. إنها بوصلة الاستقلال الذي شهدت هذه القلعةُ فجرَه منذ ثمانين سنة، ويحرسُ هذا الفضاءُ سطوعَه الذي لن ينطفئ لأن دماءَ بنيه تَسْقيه. من هنا على كل لبنانيٍّ متطلِّعٍ إلى السيادة والحرية الحقيقيتين، أن يلتفت ناحية راشيا وجنوبِها ويقول: إنها قصدُنا ونعمَ السبيلُ.
وتابع :"صاحبة المعالي الوزيرة ليلى الصلح حمادة تحمل في قلبها أمانة الاستقلال، حصةً من إرث عائلي، وجزءًا من تراثٍ وطني، وتتعهد هذه الأمانة سنةً بعد سنة، بل يومًا إثْرَ يوم، بكلِّ ما أوتيَت من محبةٍ لوطنِها وشعبِها، ومن ألمٍ على حالِهما. بالأمس القريب كنا معًا ههنا لافتتاح متحف الاستقلال، واليوم نحن معًا للاحتفال بترميم القلعة وتدشين درج الاستقلال، وهي دائمًا في كل مكان على امتداد الوطن تُسدي الأياديَ البيضاء، كأنها بعطاياها تقول للمواطنين: هذا بعضُ حقِّكم تنالونَه كي تعيشوا فعلًا القدرةَ على امتلاك الاستقلال.
همّها وهمّنا أجمعين إذن، أن نمتلك استقلالنا. بشارة الخوري ورياض الصلح وصحبُهما في أسر القلعة كانوا يمتلكون ثلاثَ فضائل وطنية سامية تشكل الركائز الأساسية لأي استقلال وهي: وضوح الرؤية وقوةَ الإرادة والإصرارَ على وحدة الوطن؛ وبهذه انتصروا. فلو تأملنا واقعَنا الحالي، وجدنا أن المآل صار بنا إلى خلافِ هذه الفضائل، فلم نعد نتمتع بوضوح الرؤية بعدما بات لكلٍّ منّا رؤيةٌ خاصةٌ إلى شؤوننا الوطنية الجامعة، تتضاربُ مع رؤى سواه، من غير رغبةٍ لدى البعض في إقامةِ أيِّ حوار يسهم في التقريب. وصارت إراداتُنا مشتتةً ففقدَت قوتَها لولا ما نرى من تضحيات على طول خطوط المواجهة مع العدو المغتصب، وأصبحت همومُ جزءٍ من المواطنين منصبَّةً على طرحِ أفكار الطلاق بدلًا من التلاقي حتى صارت الوحدة الوطنية على المحك.
أمام هذه الصورة أصبح لزامًا علينا نحن اللبنانيين:
أولاً: أن نؤكد الإيمان قولًا وفعلًا بأن الميثاق الوطني الذي أرساه الرئيسان بشارة الخوري ورياض الصلح وجدده اتفاق الطائف، هو الذي جعل ويجعلُ لبنان لا مجرد وطن بل رسالةً حضاريةً في هذا الشرق. وبأن الصيغة اللبنانية التي تحفظُ التنوع المبنيَّ على كرامة الإنسان الفرد، هي النقيضُ الوجودي لعنصرية الكيان الإسرائيلي المغتصب، الذي لن يتورّع عن أي حرب أو مؤامرة أو دسيسة أو اعتداء، لأنه متيقن من أن استمرار وجوده مرتبطٌ بإزالة الصيغة اللبنانية. فهو يستهدفُنا إذن، لا كأرضٍ وثروات فقط، بل كنمطِ عيشٍ أولًا وأخيرًا.
ثانيًا: أن نؤمن أيضًا بأن طبيعة الحياة البشرية تفرضُ الاختلاف الذي هو نعمة الوجود البشري، بشرط أن يُفضي إلى التعارف والتفاهم لا الخصام. ولهذا نحن، كأي بناءٍ معرَّضٍ لتأثير العوامل الطبيعية، بحاجةٍ على الدوام إلى ترميم الأسس والدعائم وإعادة تأهيلِها، وإلى نفضِ غبار العواصف الخارجية والداخلية عن الأدراجِ والمداخلِ لكي يبقى البناءُ جديدًا سليمًا آمنًا، تمامًا كما حدث لقلعة راشيا، من إنجاز نحتفل به اليوم في هذه المناسبة.
ثالثًا: أن ندرك أنَّ الحفاظَ على سيادة الوطن وتحقيقَ الطمأنينة والازدهار للمواطنين، واجبٌ على كلِّ سلطةٍ ونظام. وذلك لا يكون إلا بالالتفاف حول عناصر القوة التي يختزنُها مجتمعُنا، وبإرساءِ لغةِ الحوار الهادف فيما بيننا حول كلِّ المسائل الخلافية. فالدولةُ حصيلةُ إرادةٍ مشتركَةٍ بين الناس، وشرطُها أن تكون قادرة على المواجهةِ الداخلية والخارجية، الاقتصادية والعسكرية، في هذا الإقليم الملتهب الذي لا يستطيعُ أحدٌ إهمالَ الواقع التفجيري المزروع فيه، أعني العدو الإسرائيلي الذي نشاهدُ كلنا جرائمه الوحشية المتمادية.
وختم وزير الثقافة كلامه قائلا:" إنها إذن رؤية المؤسسين الثلاثيةُ الأبعاد، القائمةُ على الوضوحِ والإرادةٍ والاتحاد. وهي شبيهةٌ بالعرض الثلاثي الأبعاد الذي سنشاهدُه بعد قليل على حيطان القلعة استذكارًا لتاريخِها. وشبيهةٌ كذلك بطبيعة عيش المعية الذي ينبغي له أن يسود في أبعاده المتنوعة الآيلةِ كلها إلى صورةٍ