وثائقي جديد يروي قصة إلفيس بريسلي

وثائقي جديد يروي قصة إلفيس بريسلي


   يسلط الفيلم الوثائقي الجديد "عودة الملك: سقوط وصعود إلفيس بريسلي" (Return of the King: The Fall and Rise of Elvis Presley) الضوء على مرحلة "عرض العودة لعام 1968″، الذي مكّن المغني الأميركي الراحل من استعادة بريقه الفني وإكمال مسيرته المميزة.

   ويعرض الفيلم الحافل بالموسيقى واللقطات الأرشيفية النادرة على منصة "نتفليكس"، حيث يُروى بأسلوب سردي ممتع مدعوم بأصوات معاصرة استُخدم فيها الذكاء الاصطناعي.

   ويركز الوثائقي على برنامج "سينغر تقدّم إلفيس" (Singer Presents Elvis) الذي بثته شبكة "إن بي سي" الأميركية في الثالث من ديسمبر/كانون الأول 1968، نسبةً إلى شركة آلات الخياطة التي قدمته. العرض -الذي قدّم لاحقًا باسم "عرض العودة لعام 1968"- كان نقطة تحول أعادت بريق مسيرة بريسلي، وأظهرت مجددًا موهبته والقوة الثقافية التي كان يمثلها.

   يغوص الفيلم في السنوات والتفاصيل التي قادت إلى تلك الليلة بما في ذلك طفولة بريسلي الفقيرة، وتأثره بالموسيقى الأفريقية الأميركية، والحفلات الصاخبة، وعلاقته الغريبة مع مدير أعماله المتحكم "الكولونيل" توم باركر. كما يسلط الضوء أيضًا على صعوده في الخمسينيات كأشهر فنان في العالم من خلال ظهوره التلفزيوني الطاغي وسلسلة من الأغاني التي لاقت رواجا قياسيا.

   في المقابل، يستعرض العمل أيضا تراجع "ملك الروك آند رول" خلال الفترة التي أدى فيها الخدمة العسكرية عام 1958 التي قضى أغلبها في ألمانيا، بالتزامن مع ظهور موجة جديدة من الفنانين الأوروبيين، مثل فرقة "بيتلز" و"رولينغ ستونز"، الذين بدؤوا يغزون الولايات المتحدة.

   عاد بريسلي إلى بلاده في أوائل الستينيات، لكن ليس إلى قاعات الحفلات الموسيقية، بل إلى أستوديوهات السينما. قيّده مدير أعماله الكولونيل باركر بعقد طويل الأمد لإنتاج أفلام كوسيلة لكسب المال بغض النظر عن جودة تلك الأعمال. يظهر مشهد مؤلم من أحد هذه الأفلام حيث يغني بريسلي أغنية الأطفال الشهيرة (Old McDonald Had a Farm) جالسًا على شاحنة صغيرة وسط مجموعة من الحيوانات في مشهد يوضح إحباطه المتزايد.

  كما يروي صديقه القديم جيري شيلينغ "ذات يوم كان يقرأ سيناريو، فألقى به عبر الغرفة غاضبًا وقال: لن أفعل هذا".

   ردًا على هذا الإحباط، نظم الكولونيل عرضًا تلفزيونيا، كانت فكرته الأساسية أن يتضمن مشاهد هزلية وأغاني عيد الميلاد. لكن بريسلي، بمساعدة كبيرة من المنتج والمخرج ستيف بيندر، قلب الطاولة وأصر على أن يكون العرض تعبيرا حقيقيا عن نفسه وفنه.

  يأخذنا "عودة الملك: سقوط وصعود إلفيس بريسلي" في رحلة خلف الكواليس لنرى كيف حدث هذا التحول، مع مشاهد أرشيفية تظهر تطور العرض ليصبح تحفة فنية تستحق الإعجاب.

  يدعم الوثائقيَّ عدد من الشخصيات البارزة التي تضيف رؤيتها، مثل بريسيلا بريسلي التي التقت إلفيس بريسلي أول مرة في ألمانيا عندما كان عمرها 14 عامًا وهو 24 عامًا خلال خدمته العسكرية. بعد زواجهما عام 1967، كانت تدرك أن المصاعب المهنية كانت هائلة، خاصة أن بريسلي لم يقدم أي عروض حية منذ 7 سنوات. تقول "كان بالتأكيد واعيًا بذلك، وكان يعلم أن هذا العرض قد يفشل، مما يعني نهاية مسيرته".

  تتحدث أيضًا عن زيارة فرقة "بيتلز" له، حيث جلس جون لينون وبول مكارتني مشدوهين أمام بريسلي إلى أن كسر الأخير الصمت بقوله "إذا كنتم لن تتحدثوا.." ثم أشعل التلفاز. لينون لاحقًا صرح لجيري شيلينغ قائلا "ما كنا لنكون هنا اليوم لولا إلفيس (بريسلي)".

  سينغر تقدّم إلفيس" ساهم في عودة بريسلي إلى جذوره الموسيقية بمرافقة بعض أعضاء فرقته القديمة، مثل عازف الغيتار سكوتي مور وعازف الطبول دي.جي. فونتانا. ارتدى بريسلي بدلة جلدية، وأدى مجموعة من أغانيه بنبض قوي وحضور ساحر أمام الجمهور.

   أخرج الوثائقي جيسون هير، وجمع مجموعة رائعة من المعلقين. وإلى جانب بريسيلا وشيلينغ، نسمع آراء من مؤلفين أذكياء والمغنية دارلين لوف والمخرج باز لورمان -مخرج فيلم "إلفيس" (Elvis) الصادر عام 2022- وروبي روبرتسون الذي شاهد البث الأصلي مع بوب ديلان، وكوميدي كونان أوبراين، والأكثر بروزًا بروس سبرينغستين، الذي يقول إنه استلهم من هذا العرض أمورا ليحمل الغيتار لأول مرة.

  يضيف سبرينغستين "كان هذا العرض إعادة تعريف لإلفيس بريسلي.. لم يكن فقط عودة إلى من كان، بل إعلانًا عما يمكن أن يصبح عليه".

  ورغم النجاح الفني الباهر الذي حققه، فإن حياة بريسلي انتهت بمأساة. قضى سنواته الأخيرة في عروض طويلة في لاس فيغاس وجولات موسيقية، حيث أصبح بدينا ومتعاطيا للمخدرات. توفي يوم 16 أغسطس/آب 1977 عن عمر 42 عامًا بعد 6 أسابيع من آخر حفل له.

  يقول الموسيقي بيلي كورغان في الفيلم "نجلس هنا نحكم على كيفية تعامله مع الحياة الطبيعية: ضغوط الزواج، الأبوة، الشهرة، وضغط الكولونيل باركر. لكن وسط كل هذا (..) هناك لحظات برق خاطف، وكل ما يمكننا فعله هو أن نتمنى لو كان هناك المزيد".

لمصدر: وكالة الأنباء الألمانية – منقول عن "الجزيرة")