الصينيون يحتفلون بالعام القمري الجديد: ماذا تعني سنة الثعبان؟
يُعدّ العام القمري الجديد، المعروف أيضاً باسم العام الصيني الجديد أو مهرجان الربيع، احتفالاً ثقافياً مهماً يمثل بداية التقويم القمري الشمسي. ويعود تاريخه إلى نحو 3500 عام في الصين القديمة، ويرمز إلى نهاية الشتاء، ووصول عام جديد. يتمتع المهرجان بأهمية عميقة في الثقافة الصينية، ويجري الاحتفال به من خلال تقاليد واحتفالات مختلفة.
يأتي هذا العيد، وهو الأكبر في الصين، هذا العام، بين 28 يناير (كانون الثاني) الحالي و4 فبراير (شباط) المقبل، ويمثل حلول عام الثعبان. كان عام الثعبان الأخير في سنة 2013 . وتُعدّ سنة 2025 "عام الثعبان"، وفقاً للتقويم الصيني للأبراج، دورة مُدتها 12 عاماً تمثلها الحيوانات. ويرتبط كل عام بحيوان معين، مما يؤثر على خصائص المولودين تحت برجه. وسيكون الأطفال المولودون في عام 2025 ثعابين، بعد تنانين عام 2024، وقبل خيول عام 2026.
تستمر الدورة مع الفأر والثور والنمر والأرنب والتنين والثعبان والحصان والماعز والقرد والديك والكلب والخنزير، حيث يمثل كل منها عاماً مختلفاً في تسلسل الـ12 عاماً المتكرر.
ويعتقد المنجّمون الصينيون أن كل برج يختبر تأثيرات العام بشكل مختلف، حيث يستعدّ البعض للازدهار، بينما يواجه البعض الآخر قصصاً تحذيرية.
العام القمري الجديد ليس مجرد احتفال؛ فهو نسيج نابض بالحياة من التراث الثقافي يوحّد العائلات والمجتمعات بروح التجديد والأمل. ومن التنظيف الدقيق للمنازل "تشوتشنغ" لطرد الحظ السيئ، إلى نشر اللون الأحمر المحظوظ - الفوانيس، والقصاصات الورقية المعقدة، والرموز الربيعية "تشونليان" التي تُزين كل باب - يأخذ التقليد مركز الصدارة.
وإهداء الأظرف الحمراء "هونغباو"، ومشاركة الوجبات الميمونة يعززان الروابط العائلية، مما يمثل وقتاً للتفاؤل للعام المقبل. وتؤكد هذه العادات العريقة الأهمية الثقافية للمهرجان، حيث تُقدم بداية جديدة وشعوراً مشتركاً بالانتماء.
في الأدب والأساطير الصينية، يحتل الثعبان مكانة متناقضة بشكل مميز. وبينما يرتبط بالظلام والرطوبة والأنوثة، فإن دلالاته السلبية غالباً ما تربط الثعابين السامة بالنساء المُغريات. وعلى العكس من ذلك، يجسد الثعبان أيضاً رمزية إيجابية. يُشار إليه باسم "التنانين الصغيرة"، ويدل جِلده المتساقط، "معطف التنين"، على الحظ السعيد والملكية. وتمتد هذه الثنائية إلى تمثيل الثعبان للحب والسعادة، كما هو موضَّح في "أسطورة الثعبان الأبيض"، وارتباطه بالثروة والحكمة وطول العمر.
# ويحتفل أكثر من مليار شخص في آسيا اعتبارا من الأربعاء بالعام القمري الجديد وبداية سنة الثعبان وهي مناسبة تتعدد طقوس إحيائها من بكين إلى بانكوك. ويحظى الصينيون بإجازة لمدة ثمانية أيام متتالية، يلتقون فيها حول مأدبة الطعام ويحضرون عروضا تقليدية أو يطلقون المفرقعات والألعاب النارية لطرد الأرواح الشريرة.
وشهدت محطات القطارات والمطارات في مختلف أنحاء الصين ازدحاما في الأيام الأخيرة مع عودة مئات الملايين من الأشخاص إلى بلدهم لقضاء العطلات مع أحبائهم.
وفي بكين، تحدى السكان البرد، مع انخفاض الحرارة إلى عشر درجات مئوية تحت الصفر، فقصدوا الحدائق والمعابد لتوديع عام التنين بالصلاة وبمشاهدة الرقصات.
وإكتست الشوارع ومراكز التسوق والمنازل بزينة حمراء احتفالية، ترمز إلى السعادة والازدهار، في بعض أجزاء شرق آسيا وجنوب شرقها، بما في ذلك كوريا الجنوبية وسنغافورة وفيتنام وتايلاند.
في فيتنام، تجمعت العائلات لاستذكار أسلافها الراحلين من خلال قرابين تقليدية من الموز التقليدي، مع أن البعض اضطر إلى البحث عن بدائل بسبب ارتفاع الأسعار.
وفي تايوان، توافد الناس من مختلف الأعمار إلى المعابد للصلاة وتقديم القرابين من الفاكهة والبسكويت والمكسّرات.
وفي بانكوك، تدفقت حشود من السكان المحليين والسياح إلى معبد وات مانغكون كامالاوات، أبرز المعابد البوذية الصينية في العاصمة التايلاندية.
وفي العاصمتين الفيليبينية والإندونيسية مانيلا وجاكرتا، نزلت الحشود إلى الشوارع أيضا لمشاهدة عروض رقصة الأسد.
وتُشكّل الأعياد أيضا فرصة للأهل أو للأجداد لتوزيع الأموال على أبنائهم غير المتزوجين. وعادة ما يتم وضعها في "مغلفات حمراء"، ولكن أيضا، بفضل التكنولوجيا الحديثة، تُحوّل مباشرة بواسطة الهواتف الذكية.
ويُتوقع أن تشهد الصين خلال فترة تستمر 40 يوما قبل الأعياد وأثناءها وبعدها نحو تسعة مليارات رحلة بين المناطق بمختلف أنواع وسائل النقل، وفقا لوسائل الإعلام الرسمية.
وأشارت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) إلى أن عدد رحلات القطارات والطائرات يُحتمَل أن يصل إلى "مستويات قياسية" هذا العام.
وأفادت وزارة النقل الصينية بأنها تتوقع 510 ملايين رحلة قطار و90 مليون رحلة طائرة خلال هذه الفترة.
وفي كوريا الجنوبية، تسبّب تساقط الثلوج هذا الأسبوع في تعطيل حركة القطارات والطائرات والحافلات التي شهدت إقبالا كثيفا.
وأظهرت مشاهد نشرتها وسائل إعلام كورية جنوبية مركبات مغطاة بالثلوج عالقة على الطرق الرئيسية في مختلف أنحاء البلاد.
وأفادت الشركة المشغلة لمطار إنتشون الدولي، أكبر مطارات سيول، بأن نحو 2,14 مليون مسافر، أي بمعدل نحو 214 ألف يوميا، يُتوقَع أن يستخدموا رحلات دولية ما بين 24 يناير و2 فبراير.
وأضاف أن "من المتوقع أن يكون هذا الرقم أعلى متوسط لعدد الركاب اليومي خلال عطلة رأس السنة القمرية الجديدة منذ افتتاح المطار" في عام 2001.
وامتدت الاحتفالات حتى إلى الفضاء، حيث أرسل رواد الفضاء الصينيون كاي شوزهي وسونغ لينغ دونغ ووانغ هاوزي تحياتهم من محطة الفضاء "تيانغونغ" التي تدور حول الأرض.
وأظهر مقطع فيديو نشرته وكالة الفضاء الصينية الرواد يرتدون بزّات زرقاء عليهما أنماط سحب حمراء تقليدية، ويحملون قطعتين من الورق المقصوص تصوّر الحرف الصيني "فو"، رمز للحظ السعيد.
:"الشرق الأوسط" و"سكاي نيوز")