أوبرا “كارمن” تفتتح مهرجانات بعلبك الدولية وسط حضور رسمي وجماهيري

أوبرا “كارمن” تفتتح مهرجانات بعلبك الدولية وسط حضور رسمي وجماهيري

على مدرّجات معبد باخوس التاريخية، وتحت سماء بعلبك المتألقة بالجمال والتحدي، افتتحت لجنة “مهرجانات بعلبك الدولية” موسمها الثقافي والفني لصيف 2025، بأوبرا “كارمن” للمؤلف الفرنسي جورج بيزيه، في تحية فنية راقية لأحد أبرز أعمال الأوبرا في التاريخ، بعد مرور 150 عامًا على عرضها الأول في باريس عام 1875.

حفل الافتتاح الذي حمل عنوان «أعمدة الخلود» شكّل مشهدًا من الفنّ الرفيع والمشهدية العالمية، وجمع نخبة من الفنانين اللبنانيين والعالميين، يتقدّمهم المخرج اللبناني العالمي جورج فيليب تقلا، الذي عاد من البرازيل ليوقّع هذا العمل بإخراج مسرحي استثنائي، نال عنه وسام الاستحقاق اللبناني – الدرجة الثالثة الفضية، تكريمًا من فخامة رئيس الجمهورية العماد جوجف عون

حضر الحفل عدد من الشخصيات السياسية والدبلوماسية البارزة، أبرزهم السيدة الأولى نعمت عون ممثلةً الرئيس، رئيس الحكومة نواف سلام، نائب رئيس الحكومة طارق متري، وعدد من الوزراء والسفراء، بالإضافة إلى جمهور كبير من عشاق الموسيقى والثقافة


وفي كلمتها الافتتاحية، شددت رئيسة لجنة مهرجانات بعلبك، السيدة نايلة دي فريج، على أن المهرجانات لطالما شكّلت منارة ثقافية في وجه العتمة، وقالت:

“منذ سبعين عامًا، أشعلت مهرجانات بعلبك شمعة في الظلمة، وسنواصل هذا النور رغم كل التحديات، لأن الثقافة هي رسالتنا والإبداع هو ردّنا على الخوف.”

وأكدت دي فريج أن عرض “كارمن” ليس مجرد عمل فني بل فعل مقاومة ثقافية: “كارمن تغنّي للحرية من قلب بعلبك، لتصل رسالتها لكل من يقاوم الظلم والخوف في هذا الشرق.”

عرض عالمي بنكهة لبنانية

العمل الذي أخرجه تقلا، جمع أكثر من سبعين موسيقيًا من “الأوركسترا الوطنية للراديو الرومانية” بقيادة المايسترو توفيق معتوق، وأربعة مغنين فرنسيين في الأدوار الرئيسية، إضافة إلى كورس الجامعة الأنطونية وراقصين من لبنان والبرازيل.

لبنان كان حاضرًا في كل تفصيلة: من تصميم الأزياء للمبدع ربيع كيروز، إلى المشهدية الراقصة بإبداع الفنان نبيل نحّاس، مرورًا بالمواهب الشابة التي تألقت على المسرح، ومنهم ميرا عقيقي، فادي جان بار، وغريس مدوّر.

وقد أُدخلت على الأوبرا لمسات فنية محلية تمثّلت في وصلة “يا ليلي يا ليل” ومشهد راقص غجري تعبيري، منح العرض بعدًا شرقيًا خاصًا، دون المساس بهيبة العمل الكلاسيكي.

قصة حب وتمرّد… ونهاية مأساوية

بأسلوب مسرحي مبهر، رُويت حكاية “كارمن”، الغجرية الجميلة والمتمرّدة، التي أسرت قلب الجندي دون خوسيه وأودت به من القانون إلى الجريمة، حين قتلها غدرًا بعدما هام بها حبًا ورفضت أن تُروَّض.

وقد تماهت مشاهد الغناء والرقص مع عناصر الضوء والموسيقى، لتحوّل مدرجات باخوس إلى مسرح أوروبي بنكهة لبنانية شرقية ساحرة.

ختامًا… الوعد مستمر

وختمت دي فريج رسالتها بتجديد العهد:

“نقولها بصوت عالٍ: الثقافة هي رسالتنا، وستبقى. هي إيماننا بالحاضر ووعدنا بالمستقبل.”

ومن بعلبك، تُكمل المهرجانات رحلتها هذا الصيف، مع أمسية منتظرة للفنانة هبة طوجي والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني، ضمن برنامج يدمج بين الحداثة والجذور، ويثبت أن بعلبك ستبقى، كما كانت، قلعة الثقافة والمقاومة بالجمال.________ متابعة === عايدة حسيني