هل يمكنها رد العدوان الاسرائيلي عن لبنان؟ ميسم حمزة

هل يمكنها رد العدوان الاسرائيلي عن لبنان؟ ميسم حمزة

حكومة مستسلمة هل يمكنها رد العدوان الاسرائيلي عن لبنان؟


منذ ولادة الكيان عام 1948، لم يعرف العدو الإسرائيلي سوى العدوان والتوسع، فلسطين احتُلّت وشُرّد شعبها، والقرارات الدولية بقيت حبراً على ورق. وفي لبنان، لم يكن التاريخ أقل قسوة: اجتياحات متكررة (1978 و1982)، مجازر قانا (1993 و1996)، حرب تموز (2006) والحرب الاخيرة… كلها شواهد على أن “إسرائيل” لا تحترم سيادة ولا تلتزم بحدود، وكل اتفاقية هدنة لم تكن سوى استراحة محارب يمهّد لعدوان جديد أكثر شراسة.

والأخطر من هذا الكيان هو ضعف الدولة اللبنانية، الذي جعلها عاجزة عن صياغة استراتيجية دفاعية متينة فيما الحكومات المتعاقبة رضخت للضغوط الخارجية بدل أن تصنع قراراً سيادياً مستقلاً تنفيذا لمشروع أميركي – إسرائيلي هدفه إفراغ لبنان من عناصر قوته وحصره في موقع التابع العاجز عن حماية حدود وصولا الى التطبيع مع هذا العدو وتوقيع اتفاقية سلام مذلة كاغلبية الدول العربية.

واللافت اليوم موافقة الحكومة اللبنانية نفسها، وتحت وطأة التهديدات، البحث بقرار نزع سلاح المقاومة وحصره بيد الدولة كما يريد الاميركي والاسرائيلي، في وقت يتربص العدو الإسرائيلي بنا ويواصل خرق أجوائنا واحتلال أرضنا واغتيال شعبنا.

والمؤلم أكثر، أن من يُفترض بهم أن يكونوا خط الدفاع الأول عن سيادة البلد، تحوّلوا إلى شهود زور على الانتهاكات اليومية...

رئيس الحكومة نواف سلام يتصرّف وكأن دماء اللبنانيين مجرد تفاصيل ثانوية أمام إرضاء واشنطن.

أما رئيس الجمهورية جوزيف عون، الذي أقسم على حماية الدستور والأرض، فقبِل بالصمت على الخروقات الإسرائيلية المتكررة: من انتهاك اتفاق الهدنة، إلى الاغتيالات اليومية، وصولاً إلى استمرار الاحتلال في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.

وبدل أن يرفعا الصوت دفاعاً عن السيادة، قبلا بالانصياع للحديث الأميركي عن “حصرية السلاح”، وكأن المشكلة في المقاومة لا في العدو الذي يقتل ويحتل.


السؤال هل تكفي الدولة وحدها وهل تستطيع حماية لبنان؟

الجواب لا. فالجيش رغم كفاءته وانضباطه، محروم من السلاح النوعي بفعل الضغوط الأميركية. وغير مجهز لمواجهة هذا العدو، والسياسة الداخلية تعاني انقساماً حاداً يجعل أي قرار وطني عرضة للتجاذب. لذلك، تسليم السلاح وحصره بالدولة وحدها يعني عملياً ترك لبنان مكشوفاً أمام أطماع العدو، من دون قدرة ردع حقيقية.

فهل غاب عن الدولة ان هذاكيان لا يعرف إلا الغدر ولا يحترم اتفاقاً ولا عهداًوكل هدنة وقّعها كانت مجرد استراحة لالتقاط الأنفاس قبل عدوان جديد فإسرائيل لا يمكن أن تتحوّل فجأة إلى جارٍ يُؤتمن له.

من هنا، يصبح الحديث عن تسليم لبنان أمنه وحدوده إلى “ضمانات دولية” أو “التزامات إسرائيلية” مجرّد وهم قاتل. فقد أثبتت التجارب أن المجتمع الدولي يتفرج على المجازر، وأن إسرائيل لا تتراجع إلا أمام توازن ردع حقيقي وغزة خير مثال على الصمت المذل للعالم والعرب، والثقة الوحيدة التي يمكن للبنان أن يبني عليها مستقبله هي ثقته بنفسه: بجيشه، بمقاومته، بوحدة شعبه، وبإرادته الصلبة. أما الثقة بالعدو، فهي خطيئة كبرى لا يلدغ منها مؤمن مرتين.

وإذا سلّمت المقاومة سلاحها اليوم وحُصر بيد الدولة فقط، فلبنان سيكون مكشوفًا، لأن الدولة غير مهيّأة عسكريًا ولا سياسيًا لحماية البلد وحدها.