من "أليكسا" إلى "صوفيا".. التكنولوجيا تخرج عن السيطرة وتكشف وجهها القاتم

رغم أن التكنولوجيا صُممت لخدمة الإنسان وتسهيل حياته اليومية، إلا أن حوادث متكرّرة في السنوات الأخيرة أظهرت وجها أكثر خطورة للابتكارات الحديثة. من المساعدات الصوتية إلى الروبوتات الصناعية والذكاء الاصطناعي، تكشف وقائع حقيقية أن الآلات قد تتصرف أحيانا بطرق تهدد الإنسان بدل أن تخدمه.
في عام 2021، تصدّرت شركة "أمازون" عناوين الأخبار بعد أن طلبت طفلة من مساعدها الصوتي "أليكسا" تحديا بسيطا لتسلية الوقت. المفاجأة أن الجهاز اقترح عليها إدخال شاحن في مقبس كهربائي ولمس الشوك المعدنية بقطعة نقود. الأم تصرفت بسرعة، وأنقذت ابنتها من كارثة محققة، فيما سارعت "أمازون" إلى تحديث أنظمتها بعد الكارثةالرقمية.
وفي واقعة أخرى تعود إلى عام 1979، سُجّلت أول وفاة في التاريخ بسبب روبوت صناعي داخل مصنع "فورد"، فقد لقي العامل روبرت ويليامز مصرعه عندما صدمه ذراع آلي أثناء عمله، ليصبح الحادث إنذارا مبكرا حول مخاطر الأتمتة في بيئات العمل.
لكن الأخطر من ذلك هو ما لا يُرى بالعين المجردة: الخوارزميات. فقد أثبتت دراسات أجرتها جامعة هارفارد أن بعض أنظمة التعرف على الوجوه تخطئ بنسبة تصل إلى 34% عند تحليل وجوه النساء ذوات البشرة الداكنة مقارنة بالرجال ذوي البشرة الفاتحة.
كما كشفت مجلة Nature أن خوارزمية طبية مستخدمة في المستشفيات الأمريكية كانت تمنح المرضى البيض أولوية علاجية على حساب السود، مما يعكس انحيازات بشرية مبرمجة داخل "عقول" رقمية.
الأثر لا يتوقف عند التحيز، بل يمتد إلى الصحة العامة. فبحسب دراسة نُشرت في مجلة Demography، يؤدي انتشار الأتمتة إلى ارتفاع ما يُعرف بـ"وفيات اليأس" مثل التخلص من الحياة والإدمان، نتيجة فقدان الوظائف وتراجع الأمان الاقتصادي في المجتمعات الصناعية.
أما كوكب الأرض نفسه، فيدفع ثمن الثورة الرقمية. إذ تشير بيانات جامعة كامبريدج إلى أن تعدين العملات المشفرة مثل "بتكوين" يستهلك أكثر من 121 تيراواط/ساعة سنويا — أي أكثر من استهلاك دولة الأرجنتين كاملة، ما يزيد من العبء البيئي والانبعاثات الكربونية عالميا.
وتتوالى الأمثلة المقلقة: امرأة كندية قادها نظام الـGPS إلى قيادة سيارتها داخل بحيرة بعد أن اتبعت توجيهاته حرفيا أثناء الضباب، وروبوت الدردشة "تاي" من مايكروسوفت تحوّل إلى كيان عنصري خلال أقل من 24 ساعة من تفاعله مع المستخدمين على منصة إكس "تويتر"، قبل أن يتم إيقافه نهائيا.
وفي مشهد أكثر غرابة، أثارت الروبوت "صوفيا" الجدل حين أجابت مبتكرها عام 2016 مازحة: "سأدمّر البشر". تلك العبارة القصيرة كفيلة بإعادة فتح النقاش حول حدود الذكاء الاصطناعي وضرورة وضع ضوابط تحكم سلوك الآلات مستقبلاً.
من مساعدات ذكية تخطئ، إلى روبوتات تقتل، وأنظمة تتخذ قرارات جائرة، يبدو أن التكنولوجيا لم تعد مجرد أدوات بيد الإنسان، بل كيان مستقل بدأ يفرض منطقه الخاص.
وبينما يمضي العالم بسرعة نحو الاعتماد الكامل على الذكاء الاصطناعي، يظل السؤال المعلّق في أذهان العلماء والمبرمجين على السواء: هل ما زلنا نتحكم في التكنولوجيا... أم أنها بدأت تتحكم بنا؟