كفرشيما تكرّم الخالد في وجدان لبنان... الموسيقار ملحم بركات

أمسية من الوفاء والحبّ، خفَت فيها الصوت وبقيت الألحان تنبض بالخلود
في بلدة الفن والعراقة كفرشيما، تلك التي أنجبت عمالقة الموسيقى اللبنانية، اجتمع الحب والحنين في حفلٍ مهيبٍ أقامه قسم كفرشيما الكتائبي تكريمًا لروح الموسيقار الكبير ملحم بركات، الذي لا يزال صوته يعيش في كل بيت لبناني، وفي كل وترٍ يعزف وجعًا وجمالًا.
كان الحفل أكثر من مجرّد مناسبة فنية؛ كان عرسًا للوفاء واحتفاءً بالهوية اللبنانية الأصيلة التي مثّلها الراحل الكبير.
بحنكةٍ وتنظيمٍ متقن، قادت رئيسة قسم كفرشيما السيدة جوزيان أبي نصر هذا الحدث، فكانت بصمتها واضحة في كل تفصيل من تفاصيل الأمسية التي جمعت بين الرقي والدفء والعاطفة. وقد لامست كلمتها القلوب، إذ جسّدت عبرها روح ملحم بركات من خلال استحضار أجمل معاني الحب والعنفوان في أغانيه التي ما زالت تشكّل ذاكرة وطنٍ بأسره.
ولم يكن النجاح ليكتمل لولا تعاون نخبة من الشخصيات الذين ساهموا في إنجاح الحفل، في مقدمهم الإعلامي اللامع الأستاذ بيار البايع، والسيدة دنيز غريب عضو مجلس إدارة مصلحة الشؤون الفنية والثقافية في حزب الكتائب، اللذان قدّما جهدًا مميزًا أثمر تنظيمًا يليق بالمناسبة. كما سُجّل حضورٌ ومتابعة دقيقة من نائب الأمين العام الدكتور إيلي صقر، الذي أولى الحدث اهتمامًا خاصًا ورعاية حثيثة.
حضور لبناني جامع... السياسة والفن والإعلام على قلب واحد
تميّز الحفل بحضورٍ لافتٍ جمع بين شخصيات سياسية واجتماعية وفنية وإعلامية وثقافية، إلى جانب عائلة الفقيد وأصدقائه ومحبّيه الذين لبّوا الدعوة من مختلف المناطق اللبنانية.
وقد شكّل هذا الحضور لوحةً وطنيةً جميلة عكست حجم المحبة التي يكنّها الجميع لملحم بركات، الرجل الذي غنّى للبنان حتى آخر نبضة من قلبه.
كان المشهد مؤثرًا حين التقت النظرات بين أصدقاء الدرب والعائلة والمحبين، وبين شخصيات فنية كبيرة جاءت لتقول: لن يُنسى ملحم، لأنه يسكن في كل لحنٍ صادق.
تنوّعت الكلمات التي أُلقيت خلال الأمسية، فكانت البداية مع الإعلامي القدير أندريه داغر الذي أدار الحفل بأسلوبٍ رصين وحضورٍ محبّب. ثم توالت الكلمات من رئيسة قسم كفرشيما السيدة جوزيان أبي نصر، ورئيس إقليم بعبدا الكتائبي الأستاذ بشير أبو طانوس، والشاعر نزار فرنسيس الذي ألقى كلمة العائلة بصدق وحنين، والفنان وليد توفيق الذي عبّر عن وفائه العميق لصديقه الراحل بكلماتٍ مؤثرة، وصولاً إلى كلمة النائب الياس حنكش التي مثّلت حزب الكتائب، وأتت بعفويةٍ راقية لامست مشاعر الحاضرين.
وفي لفتةٍ مؤثرة، قُدِّم للحضور فيلمٌ وثائقيٌّ استعرض أبرز محطات حياة الموسيقار الراحل وحفلاته وإنجازاته الفنية، فكان بمثابة رحلة في ذاكرة الوطن، أعادت إلى الأذهان زمن الفن الأصيل الذي جسّده ملحم بركات بكل شغف وصدق.
وبعد عرض الفيلم، أطلّ الفنان رامي مراد ليقدّم مجموعة من أغاني الراحل بصوته الدافئ والعذب، فنجح في أن يعيد إلى القاعة روح ملحم، وكأن الراحل كان بينهم يبتسم ويغنّي من جديد. أداؤه المميّز أشعل القلوب بالحنين، وملأ المكان تصفيقًا ودموعًا.
إجماع على النجاح وروح الوفاء
ورغم ضيق المكان وكثرة المشاركين، ساد جوّ من الألفة والدفء، فغدت الأمسية مهرجانًا للوفاء والذاكرة اللبنانية، حملت رسائل حبّ من كل المشاركين إلى روح الموسيقار الذي علّم الأجيال معنى الفنّ النقي.
وفي لفتة تقدير، وجّهت نقابة الممثلين في لبنان برئاسة الأستاذ نعمه بدوي، ممثلة بأمين السر المخرج كلوفيس عطاالله، شكرها لقسم كفرشيما الكتائبي ورئيسته السيدة أبي نصر على الدعوة والمبادرة التي أعادت تسليط الضوء على إرث أحد أعمدة الفن اللبناني الأصيل.
كما عبّرت أسرة موقع أضواء المجتمع برئاسة محمد السروجي
عن تعازيها الصادقة لعائلة الراحل الكبير، مؤكّدة أن إرثه سيبقى منارة تضيء دروب الفن اللبناني والعربي.
ملحم بركات... صوت لا يشيخ وألحان لا تموت
رحل ملحم بركات جسدًا، لكن ألحانه لا تزال تنبض في الذاكرة والوجدان.
ومن كفرشيما التي أحبّها، خرجت رسالة هذا الحفل:
أن الوفاء للفن ليس مجرد كلمة، بل فعل إيمانٍ بخلود الجمال وصدق العطاء.
وهكذا، غنّى الحضور بصمتٍ:
"ملحم بركات... الغائب الحاضر، واللحن الذي لا ينتهي."