مصير جرائم الفساد

أنشئت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في العام 2020، وتتألف من ستة أعضاء، قاضيين انتخبا من قبل قضاة لبنان، والأربعة الباقين تم تعيينهم من قبل مجلس الوزراء وولاية الأعضاء الستة غير قابلة للتجديد. وباشرت الهيئة عملها في فبراير 2022 كما أشار رئيس الهيئة القاضي كلود كرم لـ«الأنباء». ووضعت على الفور نظامها الداخلي وفق ما ينص علية القانون 2020/ 175 إضافة إلى مدونة السلوك الإلزامية.
وقال كرم: «إنها هيئة مستقلة وذات صفة قانونية، لأنها أنشئت بموجب قانون جاء منسجما مع شروط الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، الذي منحها الاستقلالية من حيث التشكيل والحصانات والامتيازات وحتى القيود التي فرضها على الأعضاء المتفرغين لعمل الهيئة، اذ لا يحق لهم الجمع بين وظيفتين، كما لا يحق لهم تولي أي مركز عام لمدة ست سنوات بعد انتهاء ولايتهم ضمانة لاستقلاليتها الكاملة».
وأشار كرم إلى أن «الهيئة تملك الأدوات التي لم تكن موجودة، وهي قادرة على القيام بكل المهام، وأمامها 7 قوانين أعطى القانون الأساسي 175/202 للهيئة صلاحيات كاملة، وهي استلام تصاريح الذمة المالية التي يقدمها الموظفون العامون من رئيس الجمهورية إلى موظف الفئة الثالثة، وهم معنيون بتقديمها إلى الهيئة بعد أن كانت تقدم من قبل أمام عدة مراجع. كما اعطى القانون 189/2022 صلاحية استلام تصاريح الذمة المالية ومعاقبة الإثراء غير المشروع ورفع السرية أمامها، وباتت قادرة على التدقيق في كل التصاريح فور استلامها وفتحها والتدقيق فيها. وهذا يحصل من دون ضغوط أو شكوى نظرا إلى الاستقلالية التامة للهيئة».
بالنسبة إلى قضايا التحقيقات، يشير كرم إلى «أن الهيئة لم تتمكن من المضي بعدد كبير منها، لأنه لا جهاز إداريا لها، اذ يفترض أن يكون عندها جهاز للتحقيق وجهاز آخر لجمع المعلومات وتحليلها لرفعها إلى الهيئة. وما يحصل اليوم أن كل عضو في الهيئة يتولى الملفات التي ترد الينا ويحقق فيها قدر الإمكان، لأن لدينا موظفة واحدة تكتب وليس من صلب عملها».
وأضاف كرم: «بالنسبة إلى قانون استعادة الأموال المتأتية عن جرائم الفساد والذي تأخر تنفيذه بسبب التأخر في وضع النظام الداخلي، هناك هيئة داخلية تهتم بهذا الموضوع وعملها هو التنسيق مع الجهات المختصة. اما بالنسبة الى قانون حق الوصول إلى المعلومات وكوننا المرجع الذي يبت بالشكاوى المتعلقة بحق الوصول إلى المعلومات، فقد تلقت الهيئة منذ اليوم الأول لتولي مسؤولياتها شكاوى الأشخاص التي ترفض الإدارة إعطائهم المعلومات، وفي الوقت عينه قمنا بعملية مسح لكل الوزارات والإدارات العامة لمعرفة من يتقيد بالقانون ونشره المعلومات على الموقع الإلكتروني اذا كان لديه موقع، وأيضا البلديات اذا كان لديها موظف يعنى بالمعلومات».
أما بالنسبة إلى قانون حماية كاشفي الفساد فقال كرم: «كل شخص يتقدم من الهيئة لديه الحق بطلب حماية سواء شخصية أو وظيفية، والهيئة تفعل هذا الأمر بشكل كبير، إضافة إلى قانون مراقبة الشفافية في قطاع البترول ولدينا الصلاحيات الكاملة لمراقبة هذا القطاع، وأيضا نشر ثقافة النزاهة في المجتمعات والإدارات وكشف الفساد والوقاية منه ومحاربته».
وأكد كرم أن الحديث عن الفساد يعود إلى عقود مضت ولن يتوقف، ويكمن في بعض الإدارات المتصلة ببعض الوزارات كالتهرب الضريبي، وفي كل القطاعات العامة الذي يستغل الموظف موقعه ونفوذه ولاسيما القطاعات المتعلقة بالضرائب، أي الجمارك والدوائر العقارية. وقد جرت ملاحقات في هذا الموضوع من قبل القضاء، وشملت أيضا هيئة إدارة السير.. هناك مجالات فيها الكثير من أبواب الفساد، ومن أجل حصر الموضوع فإن صلاحيات الهيئة تشمل القطاع العام فقط، وهناك مشروع قانون في مجلس النواب يعطي الهيئة صلاحيات تمتد إلى القطاع الخاص».
وتابع: «تنسق الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد مع القضاء ومع الهيئات الرقابية. ويمكنها فتح الملف حتى من دون شكوى، أي أنها تفتح ملف تصاريح الذمة المالية للموظفين وتبدأ بمراقبة الثروة في حال تطورت مع الزمن، وتبدأ بالتحقيق اذا كانت لديها شكوك معينة. بدوره، يقوم القضاء بواجباته فيما يتعلق بقضايا حول شبهات فساد في وزارة التربية وفي الجامعة اللبنانية وفي بلدية بيروت. وهذه الملفات لم تعد سرا، وهي خرجت إلى العلن، والهيئة تتابعها وهي من صلاحياتها حتى لو كانت أمام القضاء».
وأضاف: «القضاء لا يعمل فقط على ملفات الفساد. هناك ملفات عدة تطرح أمامه وهو يلاحق جرائم الفساد ويجري التحقيق فيها وتحصل توقيفات بناء على ما يصل اليه، لأن النيابة العامة هي من يتحرك، ولكن ليس بالصلاحية المعطاة للهيئة التي لها الحق بوضع يدها على الملف. هناك ملفات تطول قضاة وهي قليلة».
وعن المرتبة التي يحتلها لبنان وفق مؤشر مدركات الفساد، يلفت كرم إلى «أن منظمة الشفافية الدولية نشرت مؤخرا أرقاما ولا أتبنى هذه الأرقام، لكن لبنان لا يزال في المنطقة الرمادية. هناك مساع مع كل الجهات بما فيها الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد لرفع مرتبة لبنان إلى الأعلى. وحصلت اجتماعات مع صندوق النقد الدولي في لبنان وخارجه وهم على استعداد للمساعدة من أجل استعادة الثقة».
وقال ان «القضاء يقوم بعمله، والهيئة الوطنية وبالتعاون مع الأمم المتحدة وضعت تقريرا لم يطلق رسميا بعد، أجرت فيه تقييما لمكامن الفساد في الإدارات والوزارات والمؤسسات العامة. وقد أخذت الحكومة وصندوق النقد الدولي علما به، وهو تقرير مهم ويمكن البناء عليه من أجل رفع لبنان عن القائمة الرمادية».
اتحاد درويش – الانباء الكويتية