لبنان يطلق الاستراتيجية الوطنية للتعليم الأخضر: محطة وطنية نحو تحويل الأنظمة التعليمية لمواجهة التحديات المناخية والبيئية

شهد لبنان اليوم محطة وطنية بارزة مع الإطلاق الرسمي للاستراتيجية الوطنية للتعليم الأخضر في السراي الكبير، تحت رعاية دولة رئيس مجلس الوزراء القاضي نواف سلام، ممثلاً بوزيرة التربية والتعليم العالي الدكتورة ريما كرامي، وبالتعاون مع مكتب اليونسكو الإقليمي في بيروت والمركز التربوي للبحوث والإنماء. وتمثل هذه الاستراتيجية خطوة محورية نحو إعادة تشكيل النظام التعليمي في لبنان بما يزوّد المتعلمين بالمعرفة والمهارات والقيم اللازمة للتعامل مع واقع مناخي سريع التغيّر والمساهمة في مسار التنمية المستدامة.
وجمع الحفل وزراء وممثلين عن المؤسسات العامة ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات المدنية والشركاء الدوليين والجهات المانحة الذين ساهموا مجتمعين في إعداد هذه الاستراتيجية. ويعكس حضورهم التزامًا وطنيًا مشتركًا بتعزيز دور التعليم في مواجهة الأزمة البيئية والمناخية، انسجامًا مع نداء العمل الصادرعن قمة تحويل التعليم بشأن التعليم الأخضر.
وقد تم تطوير الاستراتيجية الوطنية للتعليم الأخضر بقيادة وزارة التربية والتعليم العالي والمركز التربوي للبحوث والإنماء، وبدعم من مكتب اليونسكو الإقليمي في بيروت، استنادًا إلى التزامات لبنان خلال قمة تحويل التعليم، وإلى الأولويات المحددة في الخطة العامة للتربية للوزارة. وتقدّم الاستراتيجية رؤية طويلة المدى لتهيئة بيئات تعليمية أكثر استدامة، وإدماج التعليم المناخي في المناهج، وتعزيز القدرات المؤسسية، وتفعيل دور المجتمعات المحلية. كما توحّد مختلف المبادرات القائمة ضمن إطار وطني شامل يعزز التنسيق والتكامل ويوسّع نطاق العمل.
وفي كلمته الافتتاحية، شدّد مدير مكتب اليونسكو الإقليمي في بيروت، السيد باولو فونتاني، على التزام اليونسكو المستمر بدعم الشركاء الوطنيين، مؤكدًا أهمية تحويل التعليم لضمان جاهزية الأنظمة التعليمية لمواجهة التحديات المناخية والبيئية" أثناء النظر في هذه الاستراتيجية، من الطبيعي أن نتساءل عمّا يعنيه فعليًا ‘تخضير التعليم’ في السياق اللبناني. فهو يعني دعم المدارس في تبنّي ممارسات أكثر استدامة، من استخدام الطاقة إلى إدارة النفايات. ويعني ضمان أن تساعد المناهج والمواد التعليمية المتعلمين على فهم بيئتهم، والتحديات التي تواجهها، والفرص التي تتيحها. كما يعني تعزيز قدرات المربين والمؤسسات كي يتمكنوا من توجيه المتعلمين بثقة. ويعني أيضًا تشجيع المجتمعات على المشاركة في تشكيل بيئات تعليمية تدعم أساليب حياة أكثر صحة واستدامة."
وأضاف فونتاني: "في صميم هذه الاستراتيجية وعد بسيط: أن يحصل كل متعلم في لبنان على المعارف والمهارات والثقة التي تمكّنه من فهم العالم الذي يعيش فيه، والتكيّف مع تغيراته، والمساهمة في مستقبل أكثر استدامة وصمودًا لبلاده."
وأكدت معالي وزيرة التربية والتعليم العالي، الدكتورة ريما كرّامي، التزام الوزارة بضمان تزويد كل متعلم في لبنان بالمهارات والكفاءات اللازمة للتعامل بمسؤولية مع البيئة والمساهمة في مستقبل أخضر."هذه الاستراتيجية تأتي في لحظة يعيش فيها طلاب لبنان ظروفًا صعبة وقلقًا يوميًا، وتتحمّل فيها المدرسة دورًا مضاعفًا كمساحة حماية وقيم وإعادة بناء للثقة بالدولة. فالانتقال نحو التعليم الأخضر هو قرار سياسي بامتياز: يؤكد أن المدرسة ليست آخر من يتكيّف مع تغيّر المناخ، بل أول من يوجّه المجتمع إلى التعامل معه؛ وأن التربية ليست ردّة فعل، بل فعل قيادة."
أضافت كرامي:" مع إطلاق هذه الاستراتيجية نلتزم في وزارة التربية ألّا نضيف طبقة جديدة فوق طبقات، بل أن ننتقل عبر طريقة عمل متناسقة لنجمع التربية بالبيئة والطاقة والزراعة، في انسجامٍ يليق بتحديات المرحلة. كما نلتزم بترجمتها من خلال عمل متكامل يشمل دمج الكفايات الخضراء في المناهج الجديدة عبر المركز التربوي، وربطها بالتفكير النقدي والابتكار والقدرات الحياتية."
في كلمته، شدّد منسّق الأمم المتحدة المقيم في لبنان، السيد عمران ريزا، على التزام الأمم المتحدة بدعم الانتقال الوطني نحو نظم تعليمية أكثر خضرةً وصلابة.
وقال: "إن تخضير التعليم يعزّز الحوكمة البيئية، ويوسّع الفرص الاقتصادية، ويمكّن الشباب. ومن خلال تعزيز الثقافة المناخية، والاستخدام المسؤول للموارد، والوعي بالمخاطر، تهيّئ هذه الاستراتيجية المتعلمين والمدارس والمجتمعات لإدارة التحديات البيئية بفعالية."
وأضاف ريزا: "ستواصل الأمم المتحدة دعم تنفيذ الاستراتيجية بقيادة حكومة لبنان. وسنركّز على تعزيز القدرات، وإرساء السياسات والإصلاحات، وتعبئة الموارد والخبرات بما ينسجم مع الأولويات الوطنية، ودعم التخطيط والمتابعة والتقييم. كما سنعمل على تعزيز الشراكات الواسعة، بما في ذلك مع الجهات الدولية والقطاع الخاص، وفق توجيهات الحكومة."
شهد الحفل جلسة حوارية وزارية حول الحوكمة والشراكات من أجل التعليم الأخضر، بمشاركة معالي الدكتورة ريمة كرامي، وزيرة التربية والتعليم العالي؛ ومعالي الدكتورة تمارا الزين، وزيرة البيئة؛ ومعالي السيدة لورا خازن لحود، وزيرة السياحة. وقد سلطت الجلسة الضوء على الدور الأساسي للتنسيق بين الوزارات والتعاون متعدد القطاعات في دفع أجندة لبنان نحو تعليم جاهز للمناخ.
وأكدت الدكتورة كرامي التزام وزارة التربية والتعليم بدمج الوعي البيئي والمواطنة المسؤولة ضمن المناهج الدراسية، بما يزود الطلاب بالمعرفة والقيم اللازمة ليكونوا وكلاء فاعلين في مجتمعاتهم. فيما شددت الدكتورة الزين على جهود وزارة البيئة لدعم المدارس والمجتمعات المحلية في تبني ممارسات مستدامة وتحفيز الشباب على المشاركة في المبادرات المناخية. وأبرزت الوزيرة خازن لحود أهمية ربط التعليم حول السياحة المستدامة والتراث الثقافي بالمواطنة الفاعلة، لمساعدة الطلاب على فهم دورهم في حماية الموارد الطبيعية والتراثية للبنان.
وأعادت الوزارات الثلاث التأكيد على التزامها المشترك بإعداد الطلاب ليكونوا مواطنين مطلعين ومسؤولين، قادرين على المساهمة في مستقبل مستدام ومرن للبنان.
وفي الختام، جدد مكتب اليونسكو في بيروت التزامه بدعم وزارة التربية والمركز التربوي للبحوث والإنماء وسائر الشركاء الوطنيين في مرحلة تنفيذ الاستراتيجية، لضمان أن يصبح التعليم قوة دافعة للصمود المناخي، وحماية البيئة، والتنمية المستدامة في لبنان.
للاستعلامات الإعلامية والتنسيق مع وسائل الاعلام، يُرجى التواصل مع:
- مكتب اليونسكو الإقليمي في بيروت: نسرين قمورية، مسؤولة الاعلام، n.kammourieh@unesco.org، _________________. متابعة. === عايدة. حسيني