باسيل خسر المعركة الحكومية: ولّى زمن "الابتزاز"

باسيل خسر المعركة الحكومية: ولّى زمن "الابتزاز"

بلغ "بازار" التكليف مداه أمس لتنتهي استشارات اليوم إلى إبقاء "عصمة" السراي بيد نجيب ميقاتي "رئيساً مكلفاً تصريف الأعمال" حتى إشعار آخر، بعدما تعذر اتفاق أحزاب المعارضة وقوى التغيير على مرشح مشترك تتوافر فيه المواصفات الإصلاحية و الإنقاذية المطلوبة للمرحلة المقبلة، فكانت "الضارة" التي نفعت ورفعت حظوظ ميقاتي باعتباره الأقدر على تقطيع الوقت الحكومي المستقطع بين "مراسيم التكليف" و"مراسم وداع" الرئيس ميشال عون في قصر بعبدا.


فبعدما شكّل اسم السفير نواف سلام تقاطعات معينة على الضفة المعارضة، سرعان ما عادت أسهم تسميته إلى الهبوط تحت وطأة عدم حيازته على دعم نيابي سنّي وعدم وجود إجماع على ترشيحه في صفوف أعضاء الكتلة التغييرية، وصولاً إلى حسم "القوات اللبنانية" موقفها من الاستشارات النيابية الملزمة بإعلان حجب أصوات تكتل "الجمهورية القوية" عن أي مرشح "لأنّ الشخصين المطروحين لا تتوافر فيهما المواصفات" المطلوبة، كما أكد رئيس "القوات" سمير جعجع أمس، لتتأمن بذلك الأكثرية العددية اللازمة لإعادة تكليف ميقاتي بمعزل عن أصوات كتلة "التيار الوطني الحر".


وفي ظل هذه المعادلة، يكون رئيس "التيار" جبران باسيل قد خسر المعركة الحكومية في مواجهة ميقاتي "الذي تحرر عملياً من شروط باسيل في التكليف والتأليف" وفق ما رأت مصادر سياسية، مشيرةً إلى أنّ الأخير كان يراهن على حاجة الأول لأصواته في سبيل ضمان فوزه بالتكليف بمواجهة مرشح المعارضة "وكان من هذا المنطلق يرفع السقف والصوت بغية تحسين شروطه التفاوضية في عملية التشكيل، لكن الأمور سارت في نهاية المطاف بالاتجاه المعاكس ما ساعد ميقاتي على إيصاد باب الابتزاز في وجه باسيل".


وبعد انتهاء عملية التكليف، تؤكد المصادر أنّ عناوين المرحلة المقبلة ستتجاوز الاستحقاق الحكومي "لتقفز الأولويات إلى الاستحقاق الرئاسي" انطلاقاً من القناعة الراسخة لدى مختلف الأفرقاء بعدم قدرة أي رئيس مكلف على تشكيل حكومة جديدة في ما تبقى من الولاية العونية ما لم يرضخ لشروط العهد وتياره، وهذا ما عبّر عنه صراحة أمس جعجع بإبداء ثقته بأنه "لا حكومة في عهد الرئيس عون (...) وبعد انتهاء العهد سنصبّ جهدنا لتشكيل الحكومة والمشاركة فيها"، مصارحاً اللبنانيين بوجوب ألا يأملوا خيراً طالما بقي عون في بعبدا، باعتبار أن من سيكلّف تشكيل الحكومة "إما سيُعرقله أو سيفرض عليه حكومة "على ذوقه"، وبالتالي الإستحقاق الجدّي الأول سيكون الانتخابات الرئاسية، ويجب أن يبدأ التغيير منها".


أما على مستوى آخر معارك العهد، فيبدو أنّ التركيز العوني بات منصباً على معركة الإطاحة بحاكم المصرف المركزي رياض سلامة ومسابقة الزمن لاستبداله بشخصية محسوبة على "التيار الوطني" قبل نهاية ولاية رئيس الجمهورية الذي "أشرف شخصياً على عملية مداهمة منزل سلامة في الرابية أمس وتواصل مع ضباط أمن الدولة لهذه الغاية" كما نقلت قناة "الجديد"، بينما تولت الذراع القضائي للعهد النائبة العامة الاستئنافية غادة عون تنفيذ الغارة الميدانية على المنزل والسطو على الخزنات الموجودة فيه مستعينةً بخبير "فتح الخزنات" بيار صقر الذي لم يخف لدى خروجه من المنزل ولاءه العوني بالقول للصحافيين: نحنا دمنا لغادة عون".


وبحسب المعلومات فإنّ القاضية عون تمكنت من اقتحام منزل حاكم "المركزي" بمؤازرة قوة من أمن الدولة، فتبيّن أنه غير مأهول وأسفرت عملية فتح 5 خزنات متواجدة فيه عن مصادرة بعض الأوراق من دون العثور على أي أموال فيها. وفي المقابل حضر محامو سلامة إلى المكان لتوثيق واقعة "الاقتحام غير القانوني" من قبل عون باعتبارها "غير ذي صفة" تخولها الاستمرار في أي تحقيق متصل بسلامة بعد تهرّبها من تبلغ دعوى مخاصمة الدولة التي رفعها وشقيقه والتي تسفر تلقائياً عن كف يدها عن الملف. وتوقعت مصادر مواكبة للقضية أن تشهد الفترة المقبلة مزيداً من "الأكشن" العوني، قضائياً وأمنياً، في مطاردة حاكم مصرف لبنان، خصوصاً في ظل المؤشرات التي تشي بعدم اتجاه الأمور لدى ميقاتي نحو مجاراة عون وباسيل بمطلب إقالة سلامة وتعيين حاكم جديد قبل نهاية العهد.