باريس تتمنى وواشنطن تحذّر

باريس تتمنى وواشنطن تحذّر

المصدر: الجمهورية

7 شباط 2023

كل محاولات الداخل مُنيت بالفشل، وانتقلت عيون المراقبين لترصد الاجتماع الخماسي الاميركي- الفرنسي- السعودي- القطري- والمصري في باريس، وما سيتمخض عنه، في الوقت الذي برزت اشارات سابقة له، تحصر فعاليته ضمن حدود مطالبة اللبنانيين والتمني عليهم إنجاز استحقاقاتهم والاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة تمهّد لإنقاذ لبنان من أزمته.

فبحسب معلومات «الجمهورية»، فإنّ ما يُنقل عن الفرنسيين لا يعطي عنوانًا لاجتماع باريس أكثر من كونه تجديدًا للفرصة امام اللبنانيين لبلورة حل رئاسي، وفرنسا في صدارة الداعمين لهذا التوجّه. وكشفت مصادر ديبلوماسية لـ»الجمهورية»، انّ سلسلة رسائل بهذا المعنى ارسلتها باريس إلى القادة في لبنان، والسفيرة الفرنسية في بيروت آن غريو عكست بوضوح شديد، بأنّ باريس على التزامها بدعم لبنان، وتتملكّها رغبة فائقة في وضع حصان الحل امام العربة اللبنانية. الّا انّ الأساس في كل ذلك يبقى في أن يلقى هذا الحل الدعم، ليس من اصدقاء لبنان، بل من القادة في لبنان».

اما على المقلب الاميركي، فإنّ الولايات المتحدة الاميركية، وكما يكشف عائدون منها لـ»الجمهورية»، تتقاطع مع فرنسا، وسائر الدول الصديقة، لناحية دعم لبنان واستقراره، الّا انّ حدود مقاربتها للملف اللبناني لا تتجاوز النقاشات مع الأصدقاء، على شاكلة اجتماع باريس. واشار هؤلاء، إلى انّ دعوات تلقّتها مستويات اميركية مختلفة من جهات لبنانية وسياسية ونيابية، بممارسة دور فاعل تجاه لبنان، الّا انّها لم تلق استجابة من الجانب الاميركي. وثمة اشارات واضحة واكيدة تلقّاها أصدقاء واشنطن في لبنان، بأنّها لن تتدخّل بصورة مباشرة في الملف الرئاسي اللبناني. وبمعزل عمّا إذا كانت لها نظرة معينة من بعض المرشّحين المفترضين لرئاسة الجمهورية، الّا انّها اختارت ان تنكفئ خارج خط التدخّل المباشر، وتحيّد نفسها عن اختيار او تزكية أي من المرشحين، واللبنانيون احرار في أن يختاروا لرئاسة الجمهورية من يرون فيه مصلحة لهم وللبنان.

وبحسب العائدين من واشنطن، فأنّ الاولويات الاميركية محصورة في المجال الاوكراني والحرب الباردة التي لم تعد خفية، بين واشنطن والصين، والتي بدأت تسلك منعطفات حادة في الآونة الأخيرة، وأزمة المنطاد دخلت مدار التفاعل وباتت مفتحة على احتمالات كثيرة. وتبعًا لذلك، فإنّ حضور لبنان لدى الادارة الاميركية هو حضور عرضي، وليس حضورًا يتسم بالاولوية والجدّية.

الّا انّ أخطر ما ينقله هؤلاء، يتجلّى في قراءة اميركية سوداوية للواقع اللبناني، تحذّر من مخاطر محدقة بلبنان، وتتوقع مزيدًا من التأزّم في مدى غير بعيد، وعلى مستويات مختلفة. وحيال ذلك يقول العائدون، إنّ المسؤولين الاميركيين سواء في البيت الابيض او في الخارجية الاميركية، يعتبرون أزمة لبنان بلغت مستويات ما فوق الخطورة، وانّ على اللبنانيين ان ينتشلوا انفسهم من خانة التعقيدات القائمة، ويتبعوا المسار الذي يؤدي إلى إنقاذ لبنان واستعادة توازنه السياسي والاقتصادي. وواشنطن اكّدت على اختلاف مستوياتها، وما زالت على تأكيدها، بأنّ المسؤولية الاولى والاخيرة تقع على اللبنانيين لفك هذه التعقيدات قبل فوات الأوان، وبلورة الحل الذي ينسجم مع مصلحة لبنان بانتخاب رئيس للجمهورية على وجه السرعة، ويلي ذلك حكومة جديدة تقود لبنان خارج مأزقه. ودون هذا المسار لن يجد لبنان له مخرجًا من أزمته».