التحذير السعودي حجب تجميد الانفتاح السوري
الكاتب: روزانا بو منصف | المصدر: النهار
9 آب 2023
استبق قرار المملكة العربية السعودية بتوجيه تحذير الى رعاياها لمغادرة #لبنان على خلفية الوضع الامني المتدهور في #مخيم عين الحلوة تسريب الانباء عن تجميد المملكة فتح سفارتها في #دمشق وايقاف اعمال الترميم والتأهيل للقنصلية السعودية هناك على نحو اخذ معه الخبر الاول الاهتمام كله واشاح الانظار عن الخبر الثاني الذي غابت عنه اي ردود فعل من حلفاء النظام السوري في لبنان . ويعطي البعض تفسيرات للاعلان عن الخبرين معا ان السعودية قد تكون خافت على رعاياها الذين اتوا الى لبنان على رغم الحظر المعلن ازاء زيارة لبنان فيأتي رد الفعل على الموقف من سوريا بخطف احد هؤلاء الرعايا ونقله طبعا الى سوريا ما يضطر المملكة الى الدخول في مفاوضات او مساومات من اجل اطلاقه . ولكن الجميع انشغلوا بمن فيهم حلفاء النظام بالتحذير السعودي الذي استدرج تحذيرات مماثلة ولو اخف وطأة من دول مجلس التعاون الخليجي على نحو يعيد التأكيد اولا على موقف شبه موحد لهذه الدول من لبنان ايا تكن حيثيات الموقف السعودي على نحو يترك لبنان من دون مظلة هذه الدول ودعمها ، وثانيا بان هؤلاء الذين هللوا لموقف المملكة باستقبال بشار الاسد في القمة العربية التي عقدت في السعودية اخيرا على قاعدة تراجعها وخضوعها للامر الواقع اربكوا بعدم القدرة على مواكبة الموقف السعودي المستجد من سوريا والذي سلط الضوء على فرصة اعطيت لدمشق وجرى انتقادها كثيرا باعتبارها اتت من دون ثمن سياسي عبر استقبال بشار الاسد في القمة العربية التي عقدت في الرياض اخيرا من دون ان يلاقيها النظام باي خطوة في المقابل .
ترافق الانفتاح العربي على سوريا في شكل خاص مع الزلزال الذي ضرب جنوب شرق تركيا وشمال سوريا في 6 شباط الماضي ، فتوسع حجم المساعدات الإنسانية التي كانت تصل إلى شمال غرب سوريا من تركيا عبر معبر باب الهوى الحدودي. واتاح فتح النظام نقطتي عبور إضافيتين هما باب السلام والراعي ، من تركيا إلى شمال غرب سوريا لفترة أولية مدتها ثلاثة أشهر ايصال المساعدات الإنسانية على ان ينتهي هذا الانفتاح الذي مدد ثلاثة اشهر اخرى اواخر الاسبوع الجاري في 13 آب . وفشل مجلس الامن في تبني قرار يعيد تفويض آلية المساعدة عبر الحدود السورية في نهاية الشهر الماضي بسبب الفيتو الروسي . ونتيجة لذلك ، تم حتى الان الإغلاق المبدئي لآلية عمرها تسع سنوات ، سمحت بإيصال المساعدات الإنسانية إلى الأجزاء غير الخاضعة لسيطرة الحكومة في سوريا من دون طلب موافقة الحكومة السورية. وليس واضحا بعد اذا كان النظام سينجح في استدراج الامم المتحدة الى الشروط التي وضعها بحيث تمر المساعدات عبره فحسب ام ان ذلك سيعني كذلك تحفظا للدول المانحة التي لا تثق بالنظام ولا ترغب في التعامل معه ازاء كيفية استمرار تدفق المساعدات الى السوريين او اخضاع هذه المساعدات لرقابته.
واذ يجهد النظام لاعادة الاعتبار له عبر الامم المتحدة باعتباره صاحب السيادة على اراضيه فان عدم سيطرته على ملف تهريب او تصدير الكبتاغون قد يعود الى عدم رغبة منه ابتزازا للدول العربية لتنفيذ خطوات تتعلق باعادة الاستثمار او اعادة الاعمار او دعما لمطلبه بان تضغط في اتجاه رفع العقوبات عنه او لعدم قدرته على السيطرة على ميليشيات تتحرك في سوريا بارادته او بعدمها . ولكن الاشهر الأخيرة التي توالت بعد اعادة الاسد الى مقعد سوريا في الجامعة العربية اتاحت التنبه لغياب اي تطور ملموس على صعيد الخطوات التي قيل ان الرئيس السوري التزمها لا سيما على صعيد ضبط تهريب الكبتاغون او سوى ذلك بحيث يمكن القول أن هناك إنجازاً تحقق على صعيد اعادة ترميم العلاقات حتى لو كان محدوداً. اذ اعلن الجيش الأردني في 11 حزيران إنه أسقط طائرة مسيرة محملة بالمخدرات قادمة من سوريا كانت متجهة إلى منطقة حدودية شمالي المملكة، وحمّل الاردن ميليشيات مؤيدة لإيران مسؤولية تهريب المخدرات عبر حدودها إلى دول الخليج، وقال إن وحدات تابعة للجيش السوري توفر الحماية لهذه الميليشيات، فيما اعلنت السعودية عن احباط تهريب اكثر من نصف مليون حبة الى اراضيها في هذه الفترة بالذات .
يعتبر سياسيون ان الموقف السعودي هو بمثابة جرس انذار او ايقاظ لنظام الاسد لا سيما ان على الكتف حمال كما يقال ان لجهة الرفض الغربي القاطع لاعادة التطبيع مع الاسد من دون بوادر لحل سياسي لا يبدو محتملا على الاطلاق في المدى المنظور او لجهة الانتقادات الكثيرة التي رافقت انفتاحا لم يترافق مع تنفيذ الحد الادنى من التزامات المبادرة الاردنية ” خطوة مقابل خطوة ” وليس مبادرة الموفد الدولي الى سوريا غير بيدرسون ” خطوة مقابل خطوة ” . وتاليا يثير ذلك تساؤلا كان ولا يزال على الطاولة هل اهدر الاسد فرصة لبدء مسار العودة ولم يتلقفها جيدا بتنفيذ ما تعهد به ما قد يعزز اوراق اعادة استيعابه من دول اخرى ، او انه لا يملك زمام تقرير الامور في سوريا كما يعتقد كثر مع وجود راعيين له احدهما هي روسيا والاخر ايران التي لا تزال تشكل مجالا متاحا له لابتزاز الدول العربية والخليجية في شكل خاص.
ما يعني قوى سياسية عدة لم تر بعين تفاؤلية او ايجابية الانفتاح الخليجي او السعودي على بشار الاسد من دون اي محاسبة ان لبنان يعاني وسيستمر يعاني ليس من نفوذ “حزب الله” فحسب بل من طموح النظام كذلك لابقائه كما كان دوما حديقة بلاده الخلفية بحيث تبتعد فرص ان تنتهي ازمة لبنان الحالية ليس ربطا بطموحات الحزب واهدافه بل بمصالح النظام كذلك على كل المستويات .