تحذير.. كيف تلعب “السوشيال ميديا” دورا خطيرا في حرب لبنان
منذ بداية الحرب الإسرائيلية على لبنان تحولت وسائل التواصل الاجتماعي إلى أدوات لنشر المعلومات حول الدعم المتاح بسبب قلة الحيلة وضعف الإمكانات. ومع استمرار الحرب مُخلفة آلاف الشهداء، ومدمرة البنية التحتية، تشتعل حرب أخرى، لكنها هذه المرة ليس على الأرض، بل في الفضاء الإلكتروني ومعها تتحول منصات التواصل الاجتماعي إلى ساحة حرب.
لم تعد الحرب اليوم قضية البلدان المتحاربة فقط، فبوجود “سوشيال ميديا”، يتسع النطاق الإخباري للنزاعات لتُنشر أحداثها وأخبارها وصورها في كل مكان.
يؤدي فيس بوك، انستغرام وغيرهما، دوراً مهماً في صنع رأي عام محلي وعربي ودولي تجاه الأحداث، حيث تمتلك هذه الشبكات قدرات ربما يعجز الإعلام التقليدي عن توفيرها. وأثبتت الحرب أن الإعلام الجديد صار أكثر تأثيراً، وأن قوة الإعلام التقليدي بدأت تتضاءل أمام القدرة الهائلة لمواقع التواصل الاجتماعي في التأثير والوصول إلى الرأي العام. وبينما أكد بعض الخبراء أهمية تلك المنصات في نقل حقيقة ما يجري على الأرض، حذر آخرون من كون هذه المنصات ساحة مؤهلة لنشر المعلومات المضللة، ما يستدعي دور الإعلام التقليدي في التحقق من المعلومات.
وقد عبّر اللبنانيون على منصات التواصل الاجتماعي وتحديداً على منصة X عن “غضبهم” ومخاوفهم. فعدة منصات، أهمها “إكس” و”تليغرام”، أصبحت نوافذ يطلع من خلالها العالم على ما يحدث في غزة ولبنان من فضائع يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي، ووصلت آلاف المقاطع يومياً إلى كل مكان حول العالم.
فتحولت الصفحات إلى ساحات تعبير، وكأن أصحابها خبراء فهذا يحكى عن تأثيرات وتداعيات الحرب على الاقتصاد، وذاك يتحدث عن السياسة الواقعية، وأخر يحلل ما يحدث عسكريا وسياسيا ما أحدث حالة من الزخم الذي يعكس قوة السوشيال ميديا وما وصلت إليه من سيطرة على حياة البشرية. في حين، ارتفعت حدة المنشورات التي تتناول تكلفة الحرب المباشرة مع إسرائيل، والحديث عن العواقب الاقتصادية المحتملة لمثل هذه الحرب.
بدا لافتاً حجم مشاعر القلق والخوف التي طغت على تغريدات اللبنانيين، ويظهر ذلك من خلال توقعاتهم باحتمال فقدان السلع الغذائية، والسلع الاستراتيجية الأساسية. وكان لافتاً أيضاً أن المخاوف بلغت طرح سيناريوهات تفترض أن ما سيتعرّض له لبنان سيكون أصعب من حرب تموز 2006.
وفي هذا الصدد تقول نورالحاج، وهي ناشطة على مواقع التواصل الاجتماعي أن “السوشيال ميديا لعبت دوراً بارزاً في إلقاء الضوء على الحرب اللبنانية، حيث أتاحت هذه المنصات للأفراد والجماعات التعبير عن أرائهم بشكل فوري وعالمي. ووفرت شبكات التواصل الاجتماعي مساحة مفتوحة لحرية الرأي استطاع من خلالها المستخدمون إظهار الحقيقة بشكل أوسع”.
وأكدت الحاج أن “وسائل التواصل الاجتماعي سبب في وصول رواية الحرب الى أكبر شريحة ممكنة من الجماهير حول العالم، ولولا المواقع وتحديداً “إكس”، لظل الرأي العام العالمي أسير الرواية الأحادية التي تنقلها وسائل الإعلام الإسرائيلية. حيث نظمت الحكومة الإسرائيلية حملة واسعة النطاق على وسائل التواصل الاجتماعي في الدول الغربية الرئيسة لحشد الدعم عبر عشرات الإعلانات التي تحتوي على صور ومقاطع فيديو عاطفية وعنيفة”.
أما في ما يتعلق بنشر صور وفيديوهات توثق الجرائم التي ترتكب بحق المدنيين والأطفال، فأشارت الى أن “نشر الفيديوهات والصور عن العنف الحاصل اليوم، يمكن أن يساعد على إيصال رسالة إلى العالم ليهب لنصرة الشعب اللبناني، لكن الحقيقة أنه، وفي حال افترضنا أنه يمكن أن تجد هذه الرسائل آذاناً مصغية لدى جهة ما، إلا أن هذه الرسائل لا تصل أصلاً إلى أي هدف محتمل، حتى إن بعضها يحذف تحت بند مخالفه المعايير والشروط الموضوعة من قبل المنصات الاجتماعية”.
ووفق الحاج، فإن مع استخدام منصات التواصل بكثافة وتصدر الحرب “الترند”، وتقدم المستخدمون أشكالاً وأساليب متنوعة من صور ورسومات ومقاطع فيديو لحركة النزوح الجماعية، انتشرت دعوات لمساعدة عائلات عالقة في منتصف الطريق وفي مناطق غير مأهولة، كما شهدنا تداولاً لتفاصيل دقيقة عن العائلات التي تحتاج الى مأوى. فهذه عائلة مع 5 أطفال، وهذه أم تلد. كلها تفاصيل قد تحث على المساعدة، ولكنها أيضاً قد تستجلب شبكات الاتجار والمستغلين.
واعتبرت أن “هناك حربا على لبنان تتعلق بإطلاق الشائعات، بما تبثه وسائل الإعلام الإسرائيلية من أخبار زائفة وكاذبة حيث تستهدف إسرائيل عشرات القرى اللبنانية في الجنوب والبقاع، ومن يتابع الضربات بدقة يجد أن لديها خريطة أهداف كبيرة، تدل على أنها جمعت معلومات استخباراتية واسعة، علاوة على وجود خونة ومعاونين يمدونها بمعلومات دقيقة عن كل شيء”.
وتابعت: بشكل عام مشاعر الخوف والقلق التي يعيشها اللبنانيين مرتفعة للغاية، بسبب الحرب، وسط غياب أو انعدام لأي فرص لتوفير أبسط مقومات الحياة. والحرب تقودنا إلى أهمية إدراك خطورة السوشيال ميديا وما رسخته من قواعد جديدة يجب الانتباه إليها جيدا حتى لا تكون سيفا على رقابنا، ومن الضرورى أيضا أن يعترف مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعى العاديون بمسئوليتهم وبالتسلح بالوعي بما يشاركونه وبما ينشرونه وبما يتفاعلون معه.
وأكدت الحاج إن الـ”سوشيال ميديا” في زمن الحروب ربما يكون لها تأثير نفسي سلبي بالغ في الأشخاص الموجودين بكثرة على مواقعها وتطبيقاتها، فيتفاعلون مع أحداثها العاجلة، وقد يصل هذا التأثير إلى درجة تعرضهم لصدمات نفسية قوية بغض النظر عن اهتمامهم بالحدث أو لا.
وأكدت أن هناك استحالة للتأكد من صدقية المعلومات المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي، مما يؤدي إلى نشر معلومات غير دقيقة، بحيث لا تصل المساعدة إلى من هم في أمسّ الحاجة إليها، وهذا يزيد من تعميق الأزمة ويترك الفئات الأكثر ضعفاً بدون دعم. كما أن مشاركة تفاصيل شخصية مثل أرقام الهواتف والعناوين من دون حماية، يُعرض الأفراد لسرقة الهوية والاستغلال.
وختمت بالقول أن “كل الشعوب التي تقف موقف المتفرج على القتل والإبادة الجماعية في غزة ولبنان سيأتي دورها واحداً تلو الآخر”.
لا شك أن مواقع التواصل الاجتماعى أصبحت لاعبا سياسيا بامتياز، فالعالم الآن لا يتوقف عن حروب المعلومات واستخدامها كأداة للسيطرة للاختراق والتخريب، بل أصبحت أدوات متقدمة فى الحروب، كما أنّ أحد أهم التأثيرات الإيجابية لوسائل التواصل تمكين الأفراد من التعبير عن آرائهم والمشاركة في الحوارات العامة بشكل لم يكن ممكناً في الماضي.
والتأثير السلبي الرئيسي لوسائل التواصل الاجتماعي يتمثل في انتشار الأخبار الزائفة والمعلومات غير الموثقة. إذ بسبب سهولة نشر المحتوى، يمكن للمعلومات الكاذبة أو المضللة الانتشار بسرعة واسعة، مما يخلق ضبابية في المعلومات التي يتلقاها الناس.
هامش الحرية في نقل المعلومة بالصوت والصورة، الذي وفرته بعض منصات التواصل الاجتماعي كـ”إكس” و”اتستغرام”، وفّر حالة من التأييد والتعاطف العارم مع الشعب الفلسطيني واللبناني. ولتحقيق تأثير إيجابي أكبر لوسائل التواصل الاجتماعي في تكوين الرأي العام، يجب على المستخدمين تعزيز الوعي بأهمية التحقق من مصادر المعلومات ومحتوى الأخبار التي يتم تبادلها.