إسرائيل تدمّر منزليْ عبد الحميد بعلبكي ومحمد شامل في سياق الحرب على الهوية اللبنانية
يزعم العدو الاسرائيلي أنه يستهدف في غاراته وصواريخه المدمّرة على لبنان ، قيادات أو مقرّات عسكرية وحزبية محددة، في حين يهدف أيضاً لتدمير رموز ثقافية وفنية ومدناً تراثية كما هو حاصل مع مدينتي صور الجنوبية وبعلبك البقاعية بما تمثل هاتين المدينتين العريقتين من آثار يعود تاريخها لآلاف السنين.
وليس صدفة إقدام آلية العدو الهمجية على تفجير منزل الرسام التشكيلي الراحل عبد الحميد بعلبكي التراثي في بلدته الجنوبية العديسة ، مدمِّراً بذلك كل محتويات المنزل من رسوم وكتب وذكريات نادرة .. وهو ما أشار اليه نجل الرسام المايسترو لبنان بعلبكي وكريمته الفنانة سمية بعلبكي، حيث نشر المايسترو صورة ومقطع فيديو للمنزل - الصرح الثقافي - قبل وبعد تعرّضه للتدمير على يد العدوان الاسرائيلي، كما عبّر بمجموعة من الرسائل المؤثرة عن قساوة هذه المجازر.
وكتب لبنان بعلبكي رسالة معبّرة عبر حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي جاء فيها: "هنا كان لنا بيت ترعرعنا فيه، بناه والديّ بأحلامهم وبحب كثير، هنا بقيت كل ذكرياتنا وعطر من أحببنا.. هنا دفنّا والدينا لكي يناما نومًا أبديًّا هانئًا".
وأضاف لبنان بعلبكي: "لا ليس بيتنا فدًى لأحد سوى هذا الوطن "الحلم"، ونعم، نعرف الفاعل ونعرف إجرامه".
كذلك كتب لبنان بعلبكي رسالة باللغة الانكليزية مفادها: "كان منزل والدي الفنان الراحل عبد الحميد بعلبكي الذي دُفن فيه برفقة والدتي متحفا صغيرا يحتوي على عشرات الأعمال الفنية ومجموعة من القطع النادرة وأكثر من 1500 كتاب... تعرض المنزل اليوم للتدمير الهمجي إلى جانب عشرات المنازل على يد "الجيش الإسرائيلي".
# وليس منزل عبد الحميد بعلبكي وحده الذي تم تفخيخه بوحشية فتمت تسويته بالأرض، بل منزل الفنان والأديب الراحل محمد شامل في قلب منطقة حارة حريك، والكائن في عمارة بُنيت في الستينيات.
وأوضح حفيد محمد شامل ، الممثل المسرحي زياد عيتاني ، ان المبنى الذي إستهدفه العدو الاسرائيلي هو منزل عائلته، وقال :"بيت جدي محمد شامل بيت العيلة والذكريات الحلوة بحارة حريك".
وأضاف زياد عيتاني: هكذا، بطرفة عين قرر برابرة العصر وهمج الارض القضاء على مبنى تم تشييده منتصف سبعينيات القرن الماضي . أنذر افيخاي أدرعي الناطق السمج باسم القوات الاسرائيلية ، سكّان المبنى القديم الخالي في حارة حريك لاخلائه قبل ان تسقط التكنولوجيا الاميركية على المبنى الذي يضم ذكريات واوراق وارشيف الفنان الذي عرفه لبنان بسلسلة اعمال خالدة ، اشهرها " الدنيا هيك " الذي عرض لسنوات في تلفزيون لبنان.
منزل جدي الفنان محمد شامل، حيث كبرنا على حكايته لنا، ونحن كاحفاد نفترش ارضية الصالون حوله، ونستمع الى حكايات مهرجانات بعلبك حيث كان مسؤولا، وقصص اروقة الاذاعة اللبنانية حيث كان مديرا، واسرار كواليس الدراما اللبنانية الاولى حيث كان كاتبا وممثلا.
لبيت العائلة هذا في حارة حريك الفة ، عرفها أدباء ومفكرون وفنانون عرب كانوا اول ما يقصدونه في لبنان فور وصولهم المطار منزل جدي صاحب العلاقات الفنية الواسعة والذي اختار هذا المنزل عمدا، كونه كان قريبا للمطار، كأنه اراد ان يكون دليلا سياحيا لكل هؤلاء، بيده مفاتيح صندوق الفرجة المسمى بيروت.
بلحظة ، بومضة، يسقط صاروخ اميركي حديث الصنع على لوحتنا الجميلة العتيقة، حيث المبنى العتيق ، المملوكة شققه من اولى عائلات الحارة العريقة، حيث لا مخازن ولا دهاليز، ولا مقاتلين، انها مجرد حكايات رواها محمد شامل قبل رحيله الى جميع اللبنانيين".
لكن ما يعزي زياد عيتاني وعائلته هو أن معظم أرشيف الراحل محمد شامل حفظه إلكترونياً ولداه ناجي ويوسف. فخوف العائلة من خسارة هذا الإرث الفني يعود الى حقبات حرب سابقة، مما دفع الى إستدراك الأمر وإنقاذه.