من باريس إلى بيروت... رحلة على "درّاجة الأمل" دعماً لأطفال السرطان

ليست مغامرة رياضية بحتة، بل رسالة حياة، ونداء دعم للأطفال المصابين بالسرطان في لبنان.
على دربٍ طويلة تمتدّ من باريس إلى بيروت، تحمل كارلا جبور حقيبة صغيرة، خيمة، وقلباً أكبر من المسافات. ابنة بلدة رومية المتنية في جبل لبنان، اعتادت أن تعدو خلف الأفق عدّاءة محترفة.
تمضي هذه المرّة على دراجة هوائية، ضمن مبادرة Byebikecancer، برفقة زميلها رالف خوري، في رحلة تنطلق في 21 أيلول/سبتمبر من فرنسا، لتصل إلى بيروت في 22 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، يوم عيد الاستقلال. ليست مغامرة رياضية بحتة، بل رسالة حياة، ونداء دعم للأطفال المصابين بالسرطان في لبنان.
طفولة مجروحة… وإرادة تُقاوم
لم تكن حياة بطلة لبنان في الركض كارلا جبور سهلة. رحل والدها باكراً بعد صراعٍ مع المرض، فوجدت نفسها، وهي الكبرى بين إخوتها، أمام مسؤولية تفوق سنّها.
حملت همّ العائلة ووقفت إلى جانب والدتها، بينما كانت تخفي شغفها في غرفة صغيرة حوّلتها إلى مرسمٍ، فيما تحلم بدراسة الغرافيك ديزاين. لكن الواقع اختار لها درباً أخرى. عملت في المبيعات، ثم أصبحت مدرّبة ركض (كوتش) لا تدرّب الجسد وحسب، بل تزرع في نفوس من حولها القدرة على الصمود. علّمت إخوتها، وأمسكت بيد أمها، وعلّمت نفسها أن الحياة ليست هروباً من الألم بل سباقاً إلى الأمل.
اليوم، تغادر كارلا بيتها لشهرين كاملين، تاركة والدتها خلفها، لتدخل مغامرة شاقة: عبور القارة الأوروبية على دراجة، عبر فرنسا وسويسرا وإيطاليا، فالنمسا وسلوفينيا وكرواتيا وصربيا، وصولاً إلى مقدونيا الشمالية، اليونان، تركيا، ثم طرابلس فبيروت.
درب طويلة تضجّ بالصعوبات، إذ ستنام في خيمة، وتقتات مما تحمله من مؤونة متواضعة ضمن ميزانية بالكاد تكفي، لكنها تعرف أنّ الهدف يستحق المشقة. فكلّ تعبٍ لها، تقابله صرخة حياة لطفل صغير يرنّ الجرس في مركز سرطان الأطفال معلناُ انتهاء مرحلة العلاج والعودة إلى الحياة.
رالف… الرفيق في الألم والرسالة
إلى جانبها، يمضي رالف خوري، الذي يعرف بدوره معنى الفقدان، بعدما رحلت والدته وتركت فراغاً لا يُسدّ. يجمعهما الإيمان بأن الرياضة يمكن أن تكون جسراً للعطاء، وأن الدراجات ليست وسيلة نقل بقدر ما هي وسيلة عبور نحو رسالة أعمق: دعم الأطفال الذين يصارعون السرطان، وتخفيف عبء العائلات الممزقة بين أكلاف العلاج والخوف من الغياب.
هكذا، تعود قصة كارلا جبور إلى حيث بدأت: أبٌ رحل بالسرطان، وابنةٌ حملت الألم وحوّلته إلى طاقة مقاومة. اليوم، تمضي في رحلة طويلة، تدعو من خلالها اللبنانيين والمغتربين وكل قادر الى أن يساهموا في صنع فرق، مهما كان المبلغ صغيراً، لأنّ كل رقم يمكن أن يُترجم حياة.
وحين تصل كارلا ورالف إلى بيروت في يوم الاستقلال، لن تكون عودتهما مجرّد ختام رحلة، بل بداية رسالة أوسع: أنّ الحرية الحقيقية لا تكمن في استقلال وطن فحسب، بل في منح أطفال مرضى فرصة حياة جديدة، بحيث يرنّ الجرس ويُعلنون ببراءتهم الباسلة: لقد انتصرنا.
للتبرع ضمن حملة byebike لمركز سرطان الاطفال في لبنان عبر اللينك الموجود على إنستغرام: byebikecancer
أو عبر wishmoney على الرقم 03461106