خاص: تربية الشعوب المتمردة

🖋بقلم: الخبير في العلاقات الدولية والدبلوماسية الدكتور عبده اللقيس
تربية الشعوب المتمردة
🔹عندما انتهت الحرب العالمية الثانية، حطت في إيطاليا وحدات خاصة صهيونية يهودية قادمة من الولايات المتحدة على الباطل الأمريكية.
كانت قد درست في الجامعات الأمريكية دورها وحركتها وأهدافها لفترة ما بعد الحرب، والمتمثل بإعادة تربية الألمان بعد الهزيمة.
وقد لاحظ المنتصرون أن الأسرة الألمانية يسيطر عليها الأب، وكان الانضباط والنظام أساس التربية للأطفال الألمان. نقل هتلر ببساطة هذه الأسس التي قامت عليها الأسر الألمانية إلى الدولة، مما جلب البؤس والعذاب للشعوب الأخرى.
ولذلك كانت إعادة تربية الألمان ضرورة حتمية. وقد كان أعضاء الوحدات الخاصة المذكورين أعلاه – أي الصهاينة – متعلمين ومثقفين وجيدي التربية، وهم غير القادة الآخرين المعروفين بالمنتقمين.
من الانتقام إلى “إعادة التربية”
🔹انطلق المنتقمون من إيطاليا عبر جبال الألب على سيارات عسكرية مزينة بلافتات كتب عليها عبارات:
«لا شعب. لا رايخ».
{وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ...}
زعيم اليهود قادمون...
هؤلاء هم الذين فتحوا الباب الأيمن لشاحناتهم ليقتلوا كل من يتجاوزهم أثناء المسير في ألمانيا، وهم الذين زودوا في ١٥ نيسان من العام ١٩٤٦ الخبز المسمم بالزرنيخ إلى معسكر الأسرى الكبير قرب نورنبيرغ حيث سُجن فيه قرابة ٣٦٠٠٠ ألف من الجيش الألماني، وقتل على الفور عدة آلاف نتيجة لهذه الجريمة واحتضر آلاف آخرون في عذاب طويل.
لكن بعد وقت قصير تمت عملية المواءمة والتفاهم بين هؤلاء وبين أعضاء الوحدات الخاصة المتعلمين في الجامعات. وبعد فترة وجيزة تفاهم معهم ضباط الحملة الدعائية الألمان الجدد الذين اجتمع كثيرون منهم في إيطاليا حيث انتظروا التوجيهات الجديدة وعلموا زملاءهم الأمريكيين كيفية تكوين آراء الشعوب الأخرى.
السيطرة على الإعلام
🔹قامت فتيات جميلات بشعر أسود بصب النبيذ الذي – كما هو معروف هناك – بمساعدته القوية في عملية التفاهم مع الآخرين. وبعد دورات عديدة صار الحديث أكثر جرأة وبلا كوابح أو ضوابط ونوقش كل شيء: عن أصل هتلر غير الواضح، وعن حقيقة غريبة وهي أن الطيران الأمريكي يسيطر على الأجواء ولم يقم بأي محاولة لتدمير معسكرات الموت المعروفة جدًا.
حينها انتفض أحد الشبان وهو محمر الوجه من أثر النبيذ وصرخ:
«لقد قمتم بتنفيذ عملنا....»
سيطرة الصهاينة الأمريكيين على الصحافة والإعلام:
🔹فقد سيطر الدعائيون الأمريكيون اليهود القادمين من وراء الأطلسي بسرعة كبيرة على المواقع الرئيسية في الصحافة والإذاعة في البلدان المحررة والمحتلة، ووضعوا فيها أشخاصًا موثوقين. وبعد وقت قصير أصبحت قصة إبادة اليهود في شرق أوروبا الموضوع رقم واحد المثار في الآلاف المقالات الصحفية وانتشرت الكتب والتعليقات حوله، وهو الموضوع الذي حافظ على التوتر في العالم.
ترامب... وبطة الصهيونية
هناك مثل أمريكي يقول:
«إذا كان ذلك الطائر يمشي كالبطة ويصيح كالبطة ولونه كالبطة، فلا بد أنه بطة...»
حاليًا إن ترامب الذي نال كل الثناء من الحركة الصهيونية ومن المجرم النتن بسبب دعمه للمشروع الصهيوني، ويقول عن وحش الحروب النتن بأنه رجل سلام، ومن ثم يزود كيانه بكل أنواع أسلحة الدمار الشامل مع أوروبا للقضاء على شعوب المنطقة ووضع الشعب الفلسطيني في معسكرات اعتقال كبرى ضمن المخطط الصهيوني، فلا بد أن يكون ترامب بطة...
استهداف جمهور المقاومة
🔹من جهة أخرى نرى في بلادنا من يطالب بإعادة تربية جمهور المقاومة من جديد على غرار ما حصل في ألمانيا بعد خسارتها الحرب. فنسمع نفس السمفونية القاتلة لحرية الشعوب وثقافتها من خلال العمل على ضرب التماسك الاجتماعي المؤيد للمقاومة، وذلك عبر نشر مقولة أن المقاومة هي صاحبة ثقافة الموت وأنه لا بد أن تزاح من الساحة.
الأجيال الجديدة – حسب خطتهم – يجب أن تتعلم ثقافة الحياة التي لا يمكن أن تكون حقيقية دون النبيذ الأحمر والأبيض، وكذلك أيضًا لا يمكن أن يستمر التعليم في مدارس المهدي وأخواتها بصيغته الحالية الرافضة للذل والنوع والمتمسك بمفهوم الكرامة والعزة وأخواتها، بل يجب محو هذه الثقافة وإعادة تربية الأجيال من جديد.
“المثقفون الجدد”
🔹إذن نرى بوضوح أن ساحتنا أصبحت تعج بالمثقفين الجدد المتخرجين من تحت أيدي الوحدات الخاصة التي ذكرناها سابقًا، والمتعلمة في الجامعات الأمريكية والغربية والمدربين جيدًا على كيفية ضرب النسيج الاجتماعي والبنيوي للمجتمعات التي يُراد إعادة تربيتها من جديد على كيفية الخضوع، وأن تبقى في حالة ذل عبر تمزيقها أشلاء ونسف كل قيم الكرامة والعزة.
الغرب يُدرّب... ويُدين!
🔹حاليًا تقوم عدة دول أوروبية – منها ليتوانيا واستونيا وهي جار لجيب كاليننغراد الروسي وأيضًا قريبة من بيلاروسيا حليفة موسكو – بتدريب الأطفال في المدارس ابتداءً من عمر ثمانية سنوات على استعمال وإطلاق الطائرات المسيرة.
وفي السويد أُدخل حديثًا برنامج الدفاع الشامل لطلاب المرحلة الثانوية لأنهم يعتبرون أنفسهم في حالة حرب مع روسيا.
وبالمقابل يُصدر لنا هؤلاء الغربيون مقالات وزُمَر تزعم بأنها حقوقية تدين تعليم الأطفال برامج الحروب. وإدخال من هم دون الـ ١٥ عامًا يعتبر جريمة حرب، ويردد أتباعهم المنتشرين في بلادنا ما يقوله لورانسهم بأن كل ما تطمح إليه شعوب المنطقة هو أن تعيش بسلام – طبعًا حسب مفهومهم أي الخضوع التام – وهو ما يُطلق عليه الازدهار الاقتصادي ضمن حركة تسليم شاملة للكيان الصهيوني الذي يجب أن يكون المسيطر الوحيد في المنطقة عبر نشر مفهوم نزع سلاح المقاومة الذي يمنع حركة الازدهار بكافة أوجهها.
الخلاصة
لهذا نرى هذا الكم الهائل من أفراد الوحدات الخاصة المتصهينين يبذلون أقصى جهودهم وتُخصص لهم الشاشات وتُسخّر لهم الإمكانيات الضخمة لترويج ونفخ هذه السموم في مجتمعاتنا لهدم كل قيمها باسم التطور الاقتصادي والثقافي المضاد لثقافة الموت السائدة حسب زعمهم.
إذن نحن نخضع لأكبر عملية تزوير للتاريخ وتدمير ممنهج للمفاهيم الأخلاقية الحافظة للكرامة والعزة والشرف الذي يفقده هؤلاء أفراد الوحدات الخاصة والمندسين والمنتشرين في مجتمعاتنا.
لذلك الحذر... ثم الحذر... ثم الحذر من الوقوع في أفخاخهم المدمرة للروح والعقيدة والمستقبل، وذلك فقط عبر التمسك بالسلاح وحده الحافظ لكل قيمنا