حزب الاتحاد امام تحد جديد .. ماذا تغير؟ ميسم حمزة

حزب الاتحاد امام تحد جديد .. ماذا تغير؟ ميسم حمزة

تحت شعار "نعمل معا للمحافظة على الثوابت وتحقيق قيم التحرر والتقدم والوحدة" عقد حزب الاتحاد مؤتمره الخامس عشر في البقاع، وقدم رؤيته للمشهد العالمي والعربي والدولي واللبناني، معدلا نظامه الداخلي، فانشأ لجنة مركزية وامانة عامة، وابقى على رئيسه عبد الرحيم مراد رمزاً ومؤسساً، فمنحه صفة "رئيس فخري"، وضم اليه عددا من الاعضاء الذين تولوا مناصب قيادية، ليشكلوا معه لجنة استشارية في الحزب،   واستحدث امانة عامة (سلطة تنفيذية) ولجنة مركزية (سلطة تشريع ورقابة)، انتخبت اللجنة المركزية المكونة من 33 عضوا والنائب حسن مراد امينا عاما.

في المشهد الدولي ، اعتبر الحزب ان أكثر من منطقة اقليمية في العالم  تشهد مواجهات عسكرية دموية سيكون لنتائجها  أثارًا في تكوين النظام العالمي الجديد .فمنذ اكثر من 20 عاما تسعى الولأيات المتحدة إلامريكية ودول الغرب لحبس دور دول كبرى في نطاق حدودها الجفرافية وتفكيكها من الداخل، عبر صراعات تستنزف طاقاتها لمنع نموها وصعودها في الساحة الدولية كروسيا والصين والهند ، ما يجعل شعوب تلك الدول إلاقليمية وأنظمتها أسيرة تلك السياسات في محاولة امريكية للسيطرة على المناطق التي لها دورًا هامًا في اقتصاديات العالم وفي طليعتها منابع النفط والغاز ومخزونه، والتحكم بالمسارات إلاستراتيجية بين الدول وبطرقها التجارية؛ حتى لا تفقد أحاديتها القطبية مع صعود النمو الاقتصادي لدول خارج هيمنتها وإبعادها عن أي منافسة لها في الإنتاج العالمي والتجارة الدولية.

لذلك قامت الولايات المتحدة الاميركية بتشجيع  أوكرانيا على طلب الدخول إلى حلف الناتو، مخالفة بذلك إلاتفاق على حياد  أوكرانيا إلامر الذي أقلق روسيا كثيرًا فشنت روسيا حربا وقائية لحماية أمنها ولتعطيل هدف الولأيات المتحدة فتحكمت روسيا بممرات البحر الأسود، فانعكس ذلك على الاقتصاد العالمي  وأرخى تداعياته على بنية النظام الدولي مما دفع بالكثرين للتفكير الجدي باعتماد نظام جديد يقوم على التعددية القطبية ؛ كما أرخت هذه الأزمة بظلالها على العديد من دول المنطقة ومنها لبنان وسوريا وليبيا والعراق

فعلى الصعيد السوري ان انشغال روسيا بالحرب الاوكرانية  شجع تركيا على التفكير ببناء جدار في استغلال تركي لحاجة روسيا للحياد التركي وجاء العدوان الصهيوني على مطار دمشق الدولي ليؤكد أن « إسرائيل » تسعى للاستفادة من الانشغال الروسي بالحرب إلاوكرانية

      أما على مستوى الملف النووي الإيراني فكانت كل المؤشرات تدل على اقتراب الوصول إلى حل إلا أن العقوبات الغربية على روسيا أثرت على عودة مفاوضات فيينا إلى  البدايات ، لذا رفعت إيران من شروطها لرفع العقوبات عن الحرس الثوري الإيراني الذي يعتبر من منظومة الدفاع الامني الإيرانية .

كل ذلك يظهر بوضوح المسعى الأمريكي لمواجهة الدول المنافسة في الإنتاج و الأسواق الدولية واقتصادياتها وهو ما يؤكد على وجود حرب اقتصادية عالمية، تستخدم فيه تلك الدول نفوذها وقواها العسكرية في مساحات إقليمية محدودة دون أن يتوسع نطاقها لتصل إلى حرب عسكرية شاملة.

في الوضع العربي العام اعتبر الحزب  ان توقيع أنور السادت لاتفاقية كامب ديفيد ترك أثقالًا كبيرة على أوضاع العرب فغيرت هذه المعاهدة مجرى الصراع العربي -الصهيوني وحولت موقع فلسطين من قضية الأمة المركزية إلى قضية ثانوية خارج الاهتمام العربي، وصارت إقامة علاقات طبيعية مع كيان الاحتلال الصهيوني هي من أولويات العرب ؛وهوما يمثل قمة الانحدار في واقع الأمة، وتطرق الى الابراهيمية الوجه الآخرلمشروع الشرق الأوسط الجديد، و استخدام اسم أبو الأنبياء هو مكيدة  لتشريع العدوان الصهيوني المتواصل على الأمة وتنفيذ مخططاته.

 

لبنانيا ، رأى الحزب ان النظام الطوائفي اللبناني جعل لبنان عرضة للاهتزازات عند كل محطة سياسية لأن هذا النظام أسهم بإضعاف نسيج الوحدة الوطنية وقسم بين اللبنانيين،

وان طرح البعض شروطًا للانتقال إلى  الصيغة النهائية من اتفاق الطائف ليست سوى عقبات للابقاء على النظام الطائفي ليبقى هذا النظام يحكم حياتنا الوطنية والتي تجعل النظام السياسي في لبنان هشا تتقاذفه المصالح وإلاهواء والتجاذبات إلاقليمية والدولية  

وتطرق الى ملف القضاء اللبناني ، ورأى ان قواعد المحاصصة الطائفية جعلت  من الطبقة السياسية متحكمة بالاقتصاد والنظام المالي  وحتى القضاء لاسما وان تعيين القضاة كان يتم من تلك الطبقة السياسية ،وإن إصلاح القضاء يشكل واحدة من المهمات الوطنية ليعود للبنان سمعته، وأول تلك الإصلاحات جعل التعينات القضائية وتشكيلاتها من مهمات الجسم القضائي بمن فيها مجلس القضاء الأعلى، وفصل النيابات العامة عن سلطة وزير العدل ،التي تجعل من القضاء مستقلًا عن السلطة السياسية بما فيها الاستقلال المادي

وعن  النظام الاقتصادي  وحراك 17 تشرين، اشار الحزب الى ان نظامنا الاقتصادي يتخبط في الفوضى الاقتصادية لاعتماده على الحرية الاقتصادية المتفلته من كل قيد، ولحمايته للاحتكار عبر نظام الوكإلات الحصرية التي تتحكم بالأسواق والاسعار.  وصلنا إلى الواقع المأساوي الخانق ووقفه (هذا الانهيار) هو من مسؤولية السلطة السياسية التي لم تقم بواجبها الوطني؛كونها شريكة منظومة الفساد المالي، فكان ذلك دافعا لحراك شعبي كبير تجسد بانتفاضة السابع عشر من تشرين عام 2019 انخرط في صفوفه قوى هي في صلب النظام ومن أركانه، رفعت شعارات الحراك لتحويل اتجاهاته، لذلك لم يستطع الحراك تشكيل قيادة له بحكم التنوع في صفوفه من مختلف المشارب والاتجاهات بما فيها جمهور الاحزاب

اما عن  ترسيم الحدود البحرية لفت الحزب الى ان التدخل الاميركي في المباحثات هو بسبب حاجة أوروبا لغاز ونفط شرق البحر المتوسط ليكون بديلًا عن الغاز والنفط الروسي . الأمريكي يضغط على لبنان للقبول بترسيم يمس بسيادته و بحقوقه الاقتصادية الخالصة ، ويعطي للكيان الصهيوني حق تجاوز الحدود باتجاه لبنان وتقليص مساحة لبنان من الحقول المكتشفة ،مرة باعتماد خط هوف ومرة أخرى باعتماد الخط 23 وتشريع سيطرة الكيان الصهيوني على الخط 29 ،الذي يقع جزء من حقل كاريش ضمنه. ويبدو ان الأمريكي قد نجح بحمل القيادة السياسية على القبول بالخط 23 ،مع تعديلات فيه تجعل من الجزء الجنوبي لحقل قانا جنوب الخط 23 تابع للبنان، بحيث يصبح حقل قانا كاملًا للبنان مع عدم اقتطاع أي أجزاء من البلوك رقم 8 .  ويبقى لبنان ينتظر الرد الصهيوني على الطرح اللبناني دون أي رد؛ لأن رده أصبح واضحًا برفض أي صيغة تعطل رغبته بالسيطرة على الحقول الغازية الجنوبية، وهو ما دفع النائب حسن مراد في أول ممارسة لمهامه النيابية لتقديم مشروع قانون معجل مكرر بتعديل المادة 17 من القانون163/2011 لتضمينه إحداثيات حدود المياه الإقليمية والمنطقة الاقتصادية الخالصة جنوبًا لتشمل النقطة 29

وعن  الانتخابات النيابية والاستحقات الدستورية ، بحسب الحزب فان انسحاب الرئيس سعد الحريري وتياره من المعركة الانتخابية ترك لما يسمى بقوى التغيير في حصد نتائج في بيروت وأكثر من دائرة انتخابية. وكان من الملاحظ أن التحالفات السياسية لم تعكس نفسها في التحالفات الانتخابية ، فجاءت صورة المجلس النيابي العتيد دون وجود أكثرية لأي من الفرقاء السياسيين وأصبحت إلأكثرية تتحدد على ضوء القضأيا المطروحة .

وبعد انتخاب المجلس النيابي الجديد وعدم وجود أكثرية نيابية لأي من الفرقاء السياسيين يجعل تكليف شخصية لترؤس هذه الحكومة مما يجعل تشكيل الحكومة متعثرًا ، وفي حال التشكيل ومن ثم تأليفها أمرًا عسيرًا، وتشير كل الدلائل انه لن يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية في موعده المحدد،وقد نكون أمام فراغ رئاسي، إلا إذا تظافرت جهود لبنانية وعربية ودولية لإنقاذ لبنان ودفعه نحو اتفاق الضرورة كي تبقى معالم الدولة اللبنانية قائمة

هذه هي الرؤية العامة والتوجهات التي يعتمدها حزب الاتحاد اليوم ، اذ ان  الامين العام للحزب النائب حسن مراد امام تحد جديد في تحمل اعباء المرحلة جديدة،  فهذا الحزب  الذي نجح في انشاء مؤسسات لا سيما التربوية منها، وتوسع على مساحة لبنانية كله، يستحق

عضو اللجنة المركزية في حزب الاتحاد

الاعلامية ميسم حمزة