حركة المطار في الأعياد: تعافٍ نسبي
يُعتبر موسم الأعياد في لبنان محطة استثنائية يتوقّف عندها الجميع، فيُعيد الأحبة من مختلف أنحاء العالم ترتيب أولوياتهم للعودة إلى وطنهم وقضاء هذه الأيام بين العائلة والأصدقاء. هذه الفترة عادةً ما تُزيّنها مظاهر الفرح، الحفلات الصاخبة، والأسواق المزدحمة التي تعكس نبض الحياة اللبنانيّة. الا أن هذا العام يحمل في طياته واقعاً مختلفاً، إذ تطلّ الأعياد بعد الحرب الضروس التي عصفت بلبنان، ما جعل الفرحة منقوصة على الرغم من محاولات التمسك بالأمل.
شهد مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت تعافياً ملحوظاً في حركة السفر، بحيث بلغت نسبة التعافي حوالي 70% مقارنة بالسنوات السابقة. وعلى الرغم من ذلك، تبقى هذه النسبة بعيدة عن الزخم الذي اعتاده اللبنانيون قبل الحرب والأزمات المتتالية. فالمغتربون، الذين لطالما شكلوا رافداً رئيسياً للاقتصاد خلال الأعياد، يواجهون اليوم عقبات تحول دون عودتهم بأعداد كبيرة، أبرزها الارتفاع الجنوني في أسعار تذاكر الطيران، والذي ألقى بظلاله على قرارات السفر.
تضاعفت أسعار تذاكر السفر إلى لبنان بصورة لافتة، ما جعل الكثيرين من المغتربين يعيدون التفكير في خططهم. هذه الأزمة لا تبدو منفصلة عن الواقع اللبناني العام، إذ تتداخل فيها عوامل عدة، منها عدم انتظام رحلات شركات الطيران إلى لبنان وتراجع حركة الطيران بسبب التحديات اللوجيستية والاقتصادية. المغتربون في الدول الأوروبية تحديداً لم يبادروا إلى الحجز كالمعتاد، في حين أن شركات الطيران العربية لا تزال مترددة في استعادة نشاطها الطبيعي على الوجهات اللبنانية
على الرغم من هذه التحديات، لا يزال اللبنانيون يحاولون الاحتفاظ بروح العيد، سواء عبر استقبال العائدين أو تنظيم احتفالات متواضعة تعكس جوهر المناسبة. الأسواق، وإن كانت أقل ازدحاماً من المعتاد، تُظهر حراكاً بسيطاً يبرز إصرار اللبنانيين على التمسك بالحياة. في الوقت ذاته، تتزايد التساؤلات حول الأيام المقبلة: هل ستشهد حركة المطار انتعاشاً في اللحظات الأخيرة؟ وهل ستتمكن شركات الطيران من إيجاد حلول تُخفف من الأعباء المالية على المسافرين؟
خالد، أحد أصحاب مكاتب السفر في بيروت، أشار إلى أن موسم الأعياد قد بدأ، والأسواق تشهد ازدحاماً ملحوظاً والمطاعم امتلأت بالزوار، لافتاً الى أن “رحلات الطيران زادت بعد وقف إطلاق النار، ما ساهم في زيادة الحركة الجوية”.
وعن حالة الازدحام في المطار، أكد “أننا بدأنا نشهد ضغطاً تدريجياً بسبب حركة الأعياد، لكن الوضع هذا العام ليس مشابهاً للسنوات الماضية، بل هو أقل نسبياً”.
ولفت إلى أن معظم شركات الطيران العربية قرر إعادة تسيير رحلاته من بيروت واليها، بينما لم تصدر شركات الطيران الأوروبية أي قرارات حتى الآن بشأن هذا الموضوع، على الرغم من أن رحلاتها مجدولة لبدء العمل من مطلع العام الجديد، موضحاً أن “هناك شركة طيران واحدة فقط تُدعى رومانيا، بينما تواصل شركة الميدل إيست تشغيل رحلاتها إلى لبنان.”
أما رئيس اتحاد النقابات السياحية بيار الأشقر، فأشار الى أن التحسن في قطاع السياحة لا يزال غير ظاهر بصورة فعلية، موضحاً أن “الشركات الأوروبية لم تستأنف عملها في لبنان بعد، ما يعوق انتعاش الحركة السياحية.”
ورأى الأشقر أن “الطيران المتاح لنقل اللبنانيين المغتربين لن يتمكن من استيعاب أكثر من 50% من المسافرين، ما يشكل تحدياً كبيراً”.
كما لفت إلى غياب الحفلات الكبيرة التي اعتادها اللبنانيون، والتي تساهم في جذب الزوار سواء من داخل لبنان أو خارجه. وعبّر عن قلقه من تأثير الوضع في سوريا على الحركة السياحية، قائلاً: “لقد أثر الوضع السوري علينا بصورة كبيرة، ما زاد من صعوبة تحقيق انتعاش ملحوظ.”
لبنان الكبير
د