غاز غير آمن في لبنان

غاز غير آمن في لبنان


في لبنان, ومع اقتراب موسم الشتاء, يبرز ملف معامل تعبئة الغاز غير المستوفية للشروط والصهاريج المتنقلة بين المنازل كواحد من أخطر التحديات التي تهدد السلامة العامة. تنتشر هذه المعامل والصهاريج في مختلف المناطق, وغالباً ما تعمل بعيداً عن المعايير الدولية ومقاييس الأمان, ما يجعلها أشبه بـ"قنابل موقوتة" تهدد حياة السكان وممتلكاتهم.

تقارير نقابية تشير إلى أن عشرات معامل التعبئة تعمل بلا تراخيص أو تحت غطاء قانوني هش, وفي كثير من الأحيان تقع في مناطق سكنية مكتظة, مما يزيد خطر وقوع حوادث كارثية. هذه المعامل تفتقر إلى تجهيزات الحماية الأساسية من الحرائق وأنظمة الإطفاء الحديثة, وهو ما يجعل أي حادث محتمل كارثياً.

ويضيف نقيب العاملين والموزعين في قطاع الغاز فريد زينون أن المشكلة لا تقتصر على المعامل غير الشرعية, بل تشمل أيضاً استيراد قوارير غاز غير مطابقة للمواصفات, وانفصال وزارة الطاقة عن وزارة الصناعة, وأزمة الصهاريج غير المستوفية لشروط السلامة, والشركات غير المرخّص لها التي تعمل دون معايير أمان. كل هذه العوامل تتطلب إجراءات عاجلة لمعاينة وملاحقة المعامل, وإزالة الخزانات غير المطابقة للمواصفات فوراً, ومنع استخدامها لتعبئة القوارير, وتوقيف الصهاريج غير المطابقة, تحت طائلة المسؤولية القانونية.

يؤكد زينون أن القوارير المطابقة للمواصفات العالمية متوفرة اليوم لتلبية حاجة المنازل والمؤسسات, وأن استبدال القوارير غير الصالحة يشكل خطوة حياة تحمي الناس وممتلكاتهم. كما يشدد على أن تنظيم شامل وآمن للقطاع هو الضمانة الوحيدة لاستمرارية الخدمة دون أخطار, مشيراً إلى أهمية تحديث التشريعات المتعلقة بالقطاع وتطبيقها بصرامة, وفرض مواصفات إلزامية للمعامل ونقلها إلى مناطق صناعية بعيدة عن التجمعات السكنية, وإنشاء جهاز رقابي متخصص لمراقبة المعامل ومراكز التخزين بشكل دوري وفرض عقوبات رادعة بحق المخالفين.

ورغم الحجج الاقتصادية التي يطرحها بعض أصحاب المعامل, مثل الحاجة لتأمين مصدر رزق أو ضعف القدرة على التحديث بسبب الأزمة المالية, فإن هذه التبريرات لا تلغي حجم المخاطر ولا مسؤولية الدولة عن ضبط الفوضى. فقد سجلت السنوات الأخيرة عدة حوادث انفجارات في مستودعات أو مراكز تعبئة, خلّفت ضحايا وخسائر مادية جسيمة, لتبقى القضية حاضرة وتهدد حياة المواطنين في أي لحظة.

في النهاية, يظل المواطن الحلقة الأضعف, وعليه أن يكون واعياً بالمخاطر المحيطة به, بينما تقع على الدولة مسؤولية التحرك الفوري لضمان سلامة السكان وتأمين قطاع غاز منظم وآمن, بعيداً عن أي تهديد محتمل قد يتحول إلى كارثة!